انفراج في موريتانيا رغم الظروف الصحية والاقتصادية الصعبة / نوح محمد محمود
أصبحت عبارة “أزمة سياسية في موريتانيا”، مألوفة منذ سنوات لدى وسائل الإعلام الوطنية، كلّـما جرى الحديث عن بلادنا، الذي لا ينقصه سوى الفقر والتخلّـف، حتى تطحنه رحى الخلافات السياسية وتُـعرقل عملية التنمية فيه.
فقد درج الموريتانيون منذ فترة، ليست بالقصيرة، على سماع تبادُل الاتهامات والتهديدات بين الفرقاء السياسيين، دون أن يتمكّـنوا من أخذ نفَـسٍ يُـتيح لهم التأمل في واقع بلدهم، الذي يئِـنُّ تحت وطْـأة الفقر والتخلّـف ويُـعاني هشاشة في كِـيان الدولة، تجعله غير قادر على أن يجاري رياح التغيير التي تعصِـف بالعالم.
وفي كل مرحلة سياسية، يظنّ الموريتانيون أن الأزمة السياسية المُـزمنة التي عانَـوا من تبِـعاتها، قد انتهت، فإذا بها تطل برأسها من جديد، وكأن قدَرهم أن يعيشوا في أزمات سياسية مُـتلاحقة، تتقاذفهم حقبة بعد حقبة.
فقد استبشروا بالانتخابات الرئاسية التي أوصلت الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الي الحكم بمباركة من سلفه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز .
حيث عرف البلد نوع من الارتياح والإيجابية يحوم حول الحياة السياسية في موريتانيا بعد أشهر قليلة من فوز الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، في أول تداول سلمي على السلطة منذ انقلاب 2008 الذي قاده الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.
هذا الارتياح عبّرت عنه المعارضة، بعد لقاءات أجراها الرئيس الجديد مع منافسيه في الانتخابات الأخيرة، ومع قيادات حزبية وشخصيات عامة.
وسائل الإعلام لا سيما الحكومية منها شهدت أيضا انفتاحا على المعارضة التي بدأت تحظى بفرصة مخاطبة الموريتانيين عبرها بشكل دوري، والتعبير عن مواقفها السياسية وقراءة أحزابها للوضع الحالي.
وفي ظل هذا الوضع الإيجابي، تواصل المعارضة مطالبتها بعقد مؤتمر حوار وطني شامل من أجل إنهاء القطيعة بينها وبين النظام، وسط ترقب لما سيقوم به الرئيس الجديد في إدارة الشأن العام.
وتساءل البعض أن طريقة وأسلوب حكم الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني هل سيشكل قطيعة حقيقية مع من سبقه وخلّف جوا من التفرقة والتأزم بين الأطياف السياسية المختلفة، وحالة من انعدام الثقة أثّرت سلبا على التنمية والاقتصاد في البلاد، أم أنها مجرد مرحلة انتقالية للنظام الجديد من أجل توطيد أركانه؟.
ويرى بعض المراقبين للشأن العام الوطني أن الركود سيطر على مجريات الأمور خلال السنتين من حكم الرئيس الغزواني، وذلك ما أرجعه الموقع للتحول الحاصل، ولصعوبة الأوضاع الداخلية، و كذلك لمحاولة الانتقال من مرحلة إلى أخرى من دون افتعال أزمة مع سلفه أو الارتهان لأجندة معاونيه، ممن كانوا يخدمون مع الرئيس المنصرف أو المعارضين المتحمسين للقطيعة النهائية مع سلفه.
في حين أن الرئيس ولد الغزواني انشغل خلال النصف الأول من مأموريته بتهدئة الأوضاع الداخلية، عبر استقباله لأبرز رموز المعارضة الموريتانية في القصر الرئاسي من أجل التشاور او الحوار .
في حين يعتقد اخرون أن غزواني خضع منذ أول يوم لتوليه السلطة لضغوط من المعارضة ومن بعض وسائل الإعلام لحمله على القطيعة مع صديقه وسلفه محمد ولد عبد العزيز، غير أنه ظل متمسكاً بأسلوبه البطيء الهادئ المناسب لأسلوب تربيته .
مع أن رغبة المواطنين في التغيير كانت شديدة الإلحاح، فقد تمكن الرئيس الغزواني من تطويع الرأي العام لطريقته المتأنية في الحكم القائمة على رزمة تعهدات هدأت الساحة المتأزمة منذ عشر سنوات.
نعم لقد أدركت المعارضة أن الرئيس غزواني قادر على إحداث التغيير المطلوب وان كانت الحكومة لم تشمل أياً من وجوه المعارضة المتشددة، فإن الرئيس غزواني قد عوض عن ذلك باستقباله لرؤساء أحزاب المعارضة، تنفيذاً لوعد سابق له قال فيه سأظل طيلة مأموريتي منفتحاً على المشهد السياسي كله؛ لأن موريتانيا في حاجة للجميع معارضة وموالاة.
وان كان ظل الرئيس السابق ولد عبد العزيز ما زال مخيماً على الشأن العام علي الأقل هذه المرة من خلال ملفه الطبي الذي شكل ربما انفراجا سياسيا يعتقد البعض ان له ما بعده.
اليوم تشهد الساحة السياسية منعرجا إيجابيا وان كانت الظروف الاقتصادية وكورونا وارتفاع الأسعار وحالة البلد عامة قد تسرق الفرحة بذاك الشعور الذي يلوح في الأفق وان كان في نهاية النفق الا انه يشكل الامل عند البعض ممن يريدون خيرا لهذا البلد .