لقطات من تاريخ حافل بالثراء العلمي والثقافي للمدرسة الكنتية بـ”وادان” (الحلقة 3)

تناولنا في الحلقتين الماضيتين، لقطات قصيرة، عن “المدرسة الكنتية الوادانية”، وتطرقنا إلى رجالاتها، منوهين بما قدموا من العطاء الفكري الناصع، الذي شاع صيته وتناقل الركبان أخباره، عطاء تميز ببدور علم وصلاح وكرم وسخاء، كان لهم دور طلائعي، شكلوا من خلاله نهضة فكرية، لهج المداحون بذكرها من خلال ما سطروا، من التدوين الشعري المتميز، الذي أصبح إلى حد الساعة، يشكل بلسما لكل هواة الكلمة وسامعيها على مدى الأيام والأشهر والسنوات.

في هذا الصدد، سنتطرق إلى نماذج من مما سطر الشعراء، في حق بعض أعلام وبدور المدرسة، الذين كان لهم الفضل في نشر المكارم والأخلاق الفاضلة والسخاء والنبل والقيم، وأنواع المعالي التي دعت الشعراء إلى تسطيرها، في قصائد أدبية رائعة، حظيت باهتمام كبير، من قبل كثير من الفنانين والأدباء والكتاب وأهل الكلم والفصحاء.

نذكر من رجالها وشخصياتها الكبار، “سيدي ولد سيداتي”، المتوفى سنة 1936 بمدينة شنقيط، الذي تولى زعامة القبيلة، بعد وفاة عمه سيد أحمد، وهو من أبرز الشخصيات الكنتية، وقد ملك تأثيرا سياسيا واجتماعيا، شاع ذكره وارتفع صيته، جبل على النبل والشهامة والكرم،  امتدحه الكثير من الأدباء والشعراء، من ضمنهم القامة الأدبية الكبيرة، المرحوم سدوم ولد آبه بقصائد لهجية جميلة نذكر منها على سبيل المثال للحصر نموذجين قصيرين من “آبيليكه” و”الشمتة”

نموذج “آبيليكة”

إِتْوَجَهَّتْ إِبْجَاهْ سِيدِي الْمُرْسَلِينْ

مُحَمِّدْ شَفِيعْنَ أُوْ نَذِيرْنَ أَفْذَ انْهَارْ

أًوْآلْ بَيْتُ وَأَصْحَابُ كاَمْليِنْ

الْعَارْفِينْ بِاللهْ وُالزَّهاَدْ لَبْرَارْ

وُاتْوَجَهِتْ أَبْذَ مِنْ لُجُوهْ الْمِتْعَدْلِينْ

لله أَنْدُورْ لِفْكَاكَه أَمْنِ النَّارْ

وُ يُوفِيليِ مَقْصُودِ فِادْيَارْ الثِّنْتَيْنْ

أُوْيِهْدِينيِ لِطْرِيكْ إِصْلاَحْ لَخْبَارْ

أُوْيَرْفَعْ شَانُ لَيَّانْ كَسُ الزِّنْدْ لِمْتِينْ

سَدَّابْ الْظِّمَانَ لِمَوْنَكْ امْعَ الجَّارْ

سِيدِي وُلْ الشَّيْخْ ذَاكْ الرَّايِسْ أَظْمِينْ

وُلْ سِيدَاتيِ وُلْ سِيدَ أَحْمَدْ أَبْلَفْخَارْ

أُوْلْ حَمَّدْ غُوثْ لِمْرُوَّة وُالدِّينْ

خَيْمِتْ رَاسْ لِكْلاَمْ مِنْ كِنْتَة لِكْبَارْ

أوْ تِعْمِي عَنُّ بَاسْ لِمْعَايِينْ وُالْعَينْ

أوْ يَعْمَلْ أَيَّامُ زَادْ مَا أَيْعُودِنَّ أّكْصَارْ

أَبَّاشْ أّنْتَمُّ أُّغْلاَظْ وُأَنْتَمُّ خَالْكِينْ

وُأَّكْبَارْ وُالنَّاسْ معترفان أَكْبَارْ

إَلينْ إَشَاهْدوُ مَشَاهْدِتْ الْعَيْنْ

مَنْ خَوْفْ شِ لاَهِ إِطَوَّلْ لَخْبَارْ

 

نموذج “الشمتة”

أهْيهْ أَنْجِيكْ انْجِبوُلَكْ

شَمْتَكْ ذَاكْ إِلَّ بِيهْ إِعْلِمْتْ

ذوُكْ إِلِّ جَاوْ أُوْ كَالُولَكْ

يَسِيدَي عَنِّ لَكْ نِشْمِتْ

صَدْكُ رَاهُمْ مَا كَالُولَكْ

عَنِّ شِ مَاهُ شِ لِ كِلْتْ

كِلْتْ أَنَّكْ شَمْتَكْ مَا يِحْتَاجْ

مَا خَالِكْ حَدْ الْشَمْتَكْ حَاجْ

مَا يَعْرَفْ عَنَّكْ لاَوِ تاَجْ

الْغِلْظْ أُوْ بِلْغِظْ اتْعَمِمَتْ

مَا وَيَّاكْ أَهْلِ التَّاجْ أَنْتاَجْ

مُطْلَقْ بِيكْ أَلاَّ كِيفِنْ كِمْتْ

مَا رَازْ إِنَاصِيكْ أَرِكَاجْ

وُاتْكَدَّمْتْ اسْمَعْ وُاتْمَعْلَمْتْ

بِيكْ الشَّمْتْ أُوْ ذَ مَا يَحْتَاجْ

أَتْمَعْلَمْتْ أَلاَّ بِيكْ الشَّمْتْ

يِلاَلِ حَتَّى يَذّ الرَّاجْـ

ـلِ إِلِّ بِيكْ الشَّمْتْ اتْمَعْلَتْ

وبعد اللقطات القصيرة، مما مدح به سيدي ولد سيداتي، نتطرق إلى أحد أبرز وجوه المدرسة،  سيدي باب ول اللهاه، المتوفى بشنقيط 1961، من تولى الزعامة بعد سيدي ولد سيداتي، كان يمتاز بالشجاعة والحنكة السياسية والذكاء والفطنة والدهاء، له أدوار سياسية مشهودة في منطقة آدرار، عموما ووادان خصوصا، امتدحه الكثير من الأدباء والشعراء من بينهم التلميدي ولد أحمين سالم الذي قال فيه:

 

أزْمَانْ إِلِّ وَاسْ شِ زَينْ

أزْمَانْ إِلِّ تَمْ أَفْدَانْ

بَجْ لِجْ أَهْلِ الطَّمْعَ بَيْنْ

مَكْسَمْ الْحِيرَانْ أُوَادَانْ

 

ذَاكْ أَزْمَانْ أَصَّ مُولْ أَكْيَاسْ

إَلِّ مَا كَطْ أَمَّلِّ قَاسْ

فِي النَّاسْ أّبَاسْ أُوْلاَ يِنْقاَسْ

أعليه أفلمروة والشان

حِينْ الْقِطِعْ أَقْطَعْ مِنْ لَمَّاسْ

وُرَتَّعْ أَفْظْلُوعْ أَدِكْنَانْ

كَانْ النَّاسْ أَعْلَ كِلْ أَجْنَاسْ

وُالنَّاسْ أَتْرَتَّعْ لِلْحَيَوَانْ

 

أزْمَانْ إِلِّ وَاسْ شِ زَينْ

أزْمَانْ إِلِّ تَمْ أَفْدَانْ

بَجْ لِجْ أَهْلِ الطَّمْعَ بَيْنْ

مَكْسَمْ الْحِيرَانْ أُوَادَانْ

 

ذَاكْ سِيدِي بَابَ مَذْكُورْ

وُلْ اللهْ إَلِّ مَدْيُورْ

الْكَانْ أَزْمَانْ عَنْدْ الْكُورْ

وُالْقُطِعْ الْحِدْبْ وُالْكِرْبَانْ

يِنِزَلْ فَدَافِرْ بِالشُّورْ

وُالِّ رَتَعْ فَرْضْ السَّيْحَانْ

إِيْلِفْشْ فَالنَّاسْ أَفْلِغْرُورْ

أَبْلاَ مَنْ وُالدَّهْرِ ابْلاَ مَانْ

 

مدح  سيدي باب ولد اللهاه، كثيرا من المدح، من قبل شعراء كبار سطروا غرائب وعجائب، خص بها في قصائد لهجية قوية و صادقة، دونت أمجاده ومآثره وفضائله الجمة وخصائصه النادرة، أفرزت إلينا ما تحلى به الرجل من القيم الموغلة، في علياء المجد، الأمر الذي جعلها وجهة لكل هواة السخاء الفياض والكرم المألوف والديدن المعروف.

يتواصل..

بقلم: أحمد ولد طالبن عبدي سيد أحمد

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى