الميثاق الأسري” في ظل غلاء الأسعار وتهجير الشباب وتحديات السياسة والاقتصاد

في الآونة الأخيرة، أُطلق “الميثاق الأسري” من قبل مجموعة من رجال الأعمال في موريتانيا، وهو مبادرة تهدف إلى تزويج الشباب الموريتانيين، ولكن هذه المبادرة تأتي في وقت يتسم بتحديات متعددة تؤثر على الشباب، في ظل سياسة تشجع على الهجرة وتفرض قيوداً على المنح الدراسية في المؤسسات التعليمية الرائدة. 

يظهر هذا الوضع تعارضاً بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية، مما يسلط الضوء على قضايا أكثر عمقاً تتطلب معالجة شاملة.
يعكس الميثاق الأسري جهود رجال الأعمال لمساعدة الشباب على الزواج، إذ قد يبدو بادرة إيجابية في ظاهرها، لكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد، يبرز هذا الميثاق كحل جزئي لا يتماشى مع الواقع المتسم بارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الغذاء ومواد البناء.
هذه الأسعار المرتفعة تعكس احتكاراً لمجموعة محدودة من الأفراد، مما يزيد من تعقيد الوضع الاجتماعي للشباب ويجعل من الصعب عليهم تحقيق الاستقرار المالي والاجتماعي.
تواجه السياسات الحكومية المتعلقة بالهجرة تساؤلات حول جدواها، فبدلاً من توفير حلول محلية للشباب، تشجع السياسات الحالية على الهجرة كخيار بديل، هذا التوجه يشير إلى عدم القدرة على توفير الفرص الاقتصادية الملائمة داخل البلاد، ويعكس قصور السياسات في معالجة قضايا البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة.
لم تغب سياسة المنح الدراسية أيضاً فهي تشهد قيوداً ملحوظة، حيث تُمنع الفئة المؤهلة من الشباب من الالتحاق بأرقى الجامعات والمعاهد الدولية للدراسة فيها، هذه القيود تعكس تبايناً بين تقديم فرص محدودة للتعليم العالي وبين عدم القدرة على تقديم الدعم اللازم لتطوير القدرات البشرية، فبدلاً من تمكين الشباب من تحقيق تطلعاتهم الأكاديمية، يبدو أن هناك عراقيل تواجههم، مما يحرم البلاد من الاستفادة من طاقاتهم وكفاءاتهم.
وسط هذه التحديات، يبقى الفساد والرشوة من أكبر العوائق أمام الإصلاح والتنمية، فقد استمر الفساد لعقود طويلة، مما أدى إلى إضعاف المؤسسات وزعزعة الثقة في النظام.
يتطلب الأمر من الحكومة تبني سياسة صارمة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، مع التركيز على تحقيق العدالة والمساواة في الفرص. من الضروري أن تتخذ الحكومة خطوات حاسمة لضمان تحقيق حكامة راشدة وإصلاحات حقيقية تُسهم في تحسين حياة المواطنين وتوفير بيئة مناسبة للتنمية.
إن “الميثاق الأسري” وارتفاع تكاليف المعيشة والسياسات المتعلقة بالهجرة والتعليم تشكل جزءاً من صورة أوسع من التحديات التي تواجهها موريتانيا، فلمواجهة هذه التحديات بفعالية، يجب على القيادة العليا للبلد أن تتخذ إجراءات ملموسة لتحقيق العدالة ومكافحة الفساد، مما سيمكن البلاد من تحقيق تنمية مستدامة وتوفير فرص حقيقية للشباب.

نوح محمد محمود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى