بعد أيام من الترقب.. السنغال تجنح للانتخابات
في اللحظات الأخيرة نجحت المشيخات الدينية والطرقية في تجنيب السنغال ما كان الكثيرون يخشون أن يكون منزلقا نحو العنف، فأعلن تحالف المعارضة إلغاء تظاهرة الأربعاء واستبدلها بتظاهرة منبهات السيارات مساء الجمعة ودعوة للجنوح للانتخابات وتركيزا عليها لما سماه التصدي لطموحات ماكي صال للبقاء في السلطة.
حافة الهاوية
وصل البلد الغرب افريقي الأكثر استقرارا في الأيام الأخيرة حافة هاوية غير مسبوقة وذلك حين قرر المجلس الدستوري الذي لا تخضع أحكامه للتعقيب دستورية القرار الإداري القاضي ببطلان لائحة المعارضة المرشحة عن العاصمة دكار للانتخابات البرلمانية المنتظرة نهاية الشهر القادم والتي يقودها زعيم المعارضة ورئيس حزب باستيف عثمان سونكو، وهو ما رد عليه سونكو وتحالفه بالرفض ودعوة السنغاليين للتظاهر في أكثر من مدينة مع خطاب تصعيدي بلغ ذروته حين قال إن الموت وحده سيمنعهم من الخروج.
وصلت الأمور إذا حافة الهاوية فاستشعر السنغاليون الخطر وكانت بوابة المشيخات الصوفية البوابة الأكثر أمانا فلجأ إليها الجميع طالبين تدخلها وهو ما تم وأثمر تفاهمات لم تتضح كل معالمها لكن الواضح أنها “جمدت التوتر” ورحلته أولعلها أعادت توجيهه.
– فتحالف الشعب المعارض قرر إلغاء مظاهرة الأربعاء واستبدالها باحتجاجات رمزية عن طريق منبهات السيارات مساء الجمعة.
– والحكومة ومعسكر الرئيس ماكي صال هدأت من خطابها وربما تفرج عن المعتقلين والاستمرار في مقاضاتهم بتهم قد تعيقهم من المشاركة.
هكذا إذا نجح إدراك الطرفين لصعوبة خياراتهما في تفادي الأسوأ:
– فقد أدركت المعارضة أن الرأي العام السنغالي غير جاهز لمواجهة السلطة بعد أن ضمنت المجلس الدستوري في صفها.
– وأدرك ماكي صال أن استمرار التصعيد والاعتقالات والمحاكمات لن يفشل الانتخابات فقط، وإنما قد يفقد البلد أهم ” ميزة تنافسية له” الاستقرار والديمقراطية.
الجنوح للانتخابات..
حين ينهي سونكو وتحالفه مسيرة منبهات السيارات غدا سيتفرغون لحملاتهم الانتخابية بشحنة أكبر من الرفض وبنبرة تصعيد أقوى ضد ماكي صال، وهم يعتبرون أن في رصيدهم الآن نقطة إضافية ضد الرئيس الذي يتهمونه بتبييت نية “مأمورية ثالثة”
– وفي المقابل تنفس الرئيس ماكي وداعموه الصعداء فقبول معارضيهم العودة إلى الملعب الانتخابي مكسب من وجهين:
– أنه جنب البلد العنف.
– وأنه أعطى الشرعية للمسار الانتخابي.
وفي المحصلة تكون السنغال كما رجحنا في زوم الأسبوع الماضي – وعلى عادتها خلال مأموريات جوف وواد تجنبت الأسوأ ونجت من كبوتها، لتدلف إلى انتخابات لم تعد بحكم تطورات الأسابيع الأخيرة مجرد انتخابات برلمانية إنما أضحت عمليا شوطا استباقيا من الرئاسيات القادمة، سيعبر فيه السنغاليون عن نيات تصويتهم تجاه “العنيدين المتصارعين” ماكي صال وعثمان سونكو..فمن تراه يكسب الشوط التمهيدي