كلمة الشیخ سیدأعمر ولد سیدنا شیخ زاوبة الشیخ سیدي المختار الكنتي والمنسق والمرجع العام لاتحاد للزوایا والھیئات القادریة ذات السند الكنتي في إفریقیا في مؤتمر “إكلیمیم”
السید الوالي
السیدة رئیسة الجھة
السید رئیس منتدى تكوصت
السادة الحضور
بدایة أرفع آیات السلام و الشكر والتبجیل لجلالة الملك محمد السادس وولي عھده مولاي الحسن
سائلین الله لھما العزة والتمكین و أن یحفظھما و یحفظ بھما المملكة المغربیة بما حفظ الله بھ
الذكر الحكیم.
لقد حضر الناس ھذا المؤتمر من كل فج عمیق وجئت شخصیا والوفد المرافق لي من أرض
المنارة والرباط و منبت الأولیاء والعلماء الجمھوریة الإسلامیة الموریتانیة صانھا الله والتي ھي
مقر اتحاد الزوایا والھیئات القادریة بالسند الكنتي في إفریقیا .
ونحن عندما نقف الیوم في “إكلیمیم” ب “واد نون” وعلى الطرف الجنوبي لإقلیم “السوس“
بالمملكة المغربیة الشریفة فإننا كحملة للطریقة القادریة بالسند الكنتي لا نشعر أبدا بالغربة ذلك
أننا نقف داخل دائرة من أضرحة الآباء و الأجداد المشایخ ورثة المنھاج النبوي في الدعوة
والتربیة والإصلاح .
ففي شرق بواد “درعة” وامتداداتھ یرقد جدنا مؤسس الطریقة سیدأعمر الشیخ بن الشیخ
سیدأحمد البكاي الذي تحمل إسمھ و بالقرب منھ یوجد ضریح إبنھ الوافي في “لمریرة “. و في
أعالي الوادي یوجد ضریح إبن أخیھ عبدالرحمان الھامل بن الحاج ببكر .
وعلى الخط الممتد إلى الغرب حتى الأطلسي یمتد حزام من المزارات الكنتیة المورودة إلى الیوم
حیث یتواجد في مدینة ” إیشت ” قرب “أم لحسن” مزار سیدي حیبل ولد الوافي و في مكان
ما غیر بعید منھ یوجد ضریح الشیخ سید محمد الرقاد وعلى نفس الامتداد وقریبا جدا من ھنا
في ” إقلیمیم ” یوجد مقام سیدي الظاھر الكنتاوي ببلدة “فصك ” والذي یعتقد أنھ یخص أبوبكر
الحاج بن الشیخ سیدأحمد البكاي بودمعھ وھو أخ سیدأعمر الشیخ.
و لاةینتھي ھذا العقد الفرید المبارك من المقامات إلا في أقصى الغرب حیث مزار الولي سید
محمد بن سیدي حیبلھ في “سیدي إفني” وإبن أخیھ الوافي في میر اللفت.
أیضا إلى الجنوب الشرقي من مدینة “الطنطان“ یوجد عند “كور إكنیفیدة” ضریح الشھید الشیخ
سیدامحمد الكنتي ولد الشیخ سیدي محمد الخلیفة ولد الشیخ سیدي المختار الكنتي والذي یدفن
بعض أبنائھ في المغرب مثل المجاھد الشیخ عابدین في “عین الأمان” بواد درعة والشیخ
العالم المربي دیحي قرب” عین أولاد جرار “.
ولن ننھي ھذا الاستعراض دون ذكر ضریح الشیخ سیدأحمد الفیرم جد الرقاقدة خلیفة سیدأعمر
الشیخ المدفون في وادي “الحبشي” قرب “إسمارة” حیث یتجاور ھناك مع الولي الشیخ سیدأحمد
إركیبي .
وینبئ قدم ھذه الاضرحة الكثیرة والمتباعدة عن تاریخ متجذر یمتد لنحو من خمسة قرون في
ھذا الحیز .
و التاریخ الكنتي بالمغرب لیس تاریخ أجداد و أضرحة فحسب وإنما ھو تاریخ علم وتربیة إذ
تزخر كبریات المكتبات المغربیة ( الخزانة الملكیة و المكتبة الوطنیة و مكتبة علال الفاسي
وغیرھم ) برصید ضخم من المخطوطات والمؤلفات الكنتیة النفیسة.
و رغم تقادم العھد وانقطاع الكثیر من الصلات فلا تزال أوقاف الزوایا المختاریة الكنتیة في
كبریات الحواضر المغربیة (لرباط ،فاس، مكناس مراكش.آسفي ..) شاھدة على عمق التأثیر
التزكوي والإصلاحي في المملكة الشریفة حیث یصف المؤرخ المغربي الكبیر المرحوم محمد
المنوني أن القادریة المختاریة كانت في وقت من الأوقات ھي الطریقة الصوفیة السائدة في
البلاط الملكي و لدى رجالات الحكم والشیوخ .
ولا أدل على ذلك من تلك الرسائل المتبادلة بین الشیخ سیدالمختار الكنتي والمولى سیدمحمد بن
عبدالله وبین الشیخ سیدمحمد الخلیفة والمولى سلیمان وبین المولى عبدالرحمن بن ھشام وكل
من الخلیفة الشیخ سیدالمختار الحفید (بادي) والخلیفة الشیخ سیدالبكاي . وھي رسائل لا تزال
قائمة ومحفوظة .
كما یسجل التاریخ بعض الزیارات للوزراء والأعیان والعلماء من المغرب للزاویة المختاریة
الكنتیة قي “ازواد” لأخذ الأوراد .
وھي صلات روحیة وحضاریة قدیمة منذ عھد الدولة السعدیة حیث كانت العلاقة الكنتیة قائمة
مع حكام الدولة المغربیة حینھا ولا أدل على ذلك من الإشارة التي ذكرھا مؤلف كتاب (الإعلام
بمن زار مراكش وأغمات من الأعلام) حین تحدث عن زیارة أبناء سیدأعمر الشیخ الثلاثة سیدي
المختار الشیخ و سیدأحمد الفیرم والوافي لمراكش ومقابلة السلطان السعدي الذي أعطاھم إعفاء
تاما لكنتة من الرسوم المخزنیة.
ومع قدوم الاستعمار وتقطع الأوصال نتیجة الحدود القطریة الجدیدة سجل تراجع ملحوظ في
حضور القادریة ذات السند الكنتي والتي انكفأت في صیغ ومؤسسات موغلة في المحلیة ، لذا
كانت مبادرة إنشاء اتحاد للزوایا والھیئات القادریة ذات السند الكنتي والتي انطلقت أولى خطواتھا
من جوار ضریح سیدأعمر الشیخ في ” أقا ” جھدا إحیائیا مباركا وتجدیدا مؤسسیا وروحیا
للطریقة بغیة ملء الفراغ الكبیر الملاحظ و منحھا ظھوریة ومشروعیة عامة لطالما كانت
مفقودة منذ غیاب الخلافة الجامعة في عھد الخلیفة الشیخ سیدالبكاي . لقد صار للطریقة بھذا
الاتحاد الذي یضم 170 مؤسسة من 11دولة عنوانا وبرنامج عمل ورؤیة واضحة وإطارا
لتنسیق الجھود والتفاعل الإیحابي.
و ھذا الاتحاد ھو مؤسسة غیر سیاسیة تسعى للتربیة والتزكیة والتعلیم ونشر الدین الصحیح الذي
قوامھ العقیدة الأشعریة والمذھب المالكي وطریقة الجنید السالك وھي الثلاثیة الضامنة للاستقرار
الروحي والدیني لشعوب الغرب الإسلامي عامة و التي ھي السیاج الواقي من آفات الغلو
والتطرف ومنابذة أولي الأمر بدل بذل النصح لھم.
ویسعى اتحاد الزوایا والھیئات القادریة ذات السند الكنتي إلى إشاعة الإخاء وبسط السلم بین
أبناء القارة الإفریقیة قارة المستقبل وربط شمالھا بجنوبھا وماضیھا بحاضرھا.
ونحن ندرك الدور الذي یمكن أن تبذلھ القادریة الكنتیة في ذلك الصدد لما تحوزه من مقبولیة
وشرعیة تاریخیة وخبرة متراكمة .
وھذا ھو سیاق ومقصد ھذا الحضور القادري والإفریقي غیر المسبوق لمشایخ الطریقة
ومنتسبیھا في مؤتمر “إكلیمیم” الیوم و الذي جاء عنوانھ معبرا عن الدور التاریخي لھذه
المدرسة والذي نتطلع الیوم بإصرار إلى إعادة إحیائھ معولین كثیرا على المملكة المغربیة في
ذلك.
إنني بإسم اتحاد الزوایا والوفود الحاضرة أتقدم بالشكر الجزیل للحكومة المغربیة والجھات
المنظمة والراعیة على ما أولونا من جمیل العنایة وكرم الضیافة التي تعبر عن كرم وإباء سكان
واد نون أھل الرفادة والسخاء
ولا یفوتني أن استغل الفرصة للدعوة إلى موسم سنوي لسیدأعمر والشیخ مؤسس الطریقة
القادریة الكنتیة والتي یطلق علیھا أیضا البكائیة نسبة لوالده مما یضفي مزیدا من الاستمراریة
والمؤسسیة وحتى البركة على العمل الدعوي والثقافي والروحي الذي نتمنى أن یكون لھ مقام
وركن شدید من ھذا المكان الذي كان منطلقا لھ.
و في الختام نمد أیدینا بالدعاء بالنصر والتمكین لجلالة الملك محمد السادس ملك المغرب وأخیھ
الرئیس محمد ولد الشیخ الغزواني رئیس الجمھوریة الإسلامیة الموریتانیة راجین من الله أن
ینصر بھما الإسلام ویصلح بھما ما فسد ویكمل بھما ما نقص من أمر الدین وصلاح حال
المسلمین .
والسلام علیكم ورحمة الله وبركاته
خاص الأيام نت
#تابعونا ليصلكم كل جديد