هكذا دون إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا عن الشباب والرئيس أمام الفندق
لقد ضيع الرئيس غزواني ومستشاروه فرصة الحديث مع المتظاهرين؛ وحمل مطالبهم الإصلاحية واحتوائهم. فالدولة لاتغضب ولاتظلم ولا يظلم بها.
وضيع المتظاهرون فرصة أخيرة لتنقية الفاظ الاحتجاج؛ حيث يستمع إليهم فضاء حسانوفوني واسع يهتم كثيرا بالشحنات اللفظية ويعاف غالبا الهبوط؛ فالمظلومية مالم تتشح برداء اللباقة تحولت إلى ظالمية.
أراد الرئيس غزواني حسب الصور التي التقط النشطاء ولد اكماش ورفاقه أن يحييهم أو يتحدث معهم واستدار لثوان؛ لكن صرخاتهم كانت حادة لدرجة افقدتهم هم وقارهم وافقدته هو تؤدته.
الرئيس ووفده موظفون عموميون يتلقون راوتبهم من مال الشعب ليدبروا شأنه بحزم ومسؤولية؛ ويتحملون تقصير الدولة ونجاح الدولة وغلطات الرعية وزلاتها على حد السواء.
لا أعتقد أن إدارة بلد أي بلد هي نزهة بقدرما هي فانتازيا من الرفض والتحدي والإصرار على خلق الفرق ودفع الضرر وجلب المصلحة.
الرئيس غزواني ترأس بلدا مستقلا منذ 59 عاما؛ وهو نفسه نتاج لازيد من ثلاثة عقود من خدمة بلده؛ شب وشاب على الهم العام؛ سهر الليالي وتلقى الأوامر والنواهي والاستفسارات والعقوبات من قبل قادته المباشرين؛ وفعل هو نفس الشيء مع مرؤوسيه في العمل؛ قبل أن يرأس كل الموريتانيين بمجلسهم الاعلى للقضاء ويكون قائد قواتهم المسلحة الأعلى.
وسيدي ولد اكماش وولد بيلاهي والحافظ والداه ورفاقهم شباب هربوا إلى الولايات المتحدة؛ تماما للأسباب التي جعلته هو يشارك في تغيير الحكم مرتين ويعرض نفسه للموت ثم يقدم نفسه للشعب الموريتاني بعد تقاعده لينتخبه الشعب رئيسا. وليسوا بدعا من الشعب الموريتاني؛ ولاعيب فيهم لدى الموالين على عمى او على هدى أو المعارضين هنا في انواكشوط سوى ماكان من جهرهم بالسوء من القول؛ او وجودهم خارج دائرة الاختصاص القانوني للشرطة الموريتانية.
مقام رئيس الجمهورية ليس مقام عصمة من سماع الاذى ولا الانتقاد ولا حتى النقد؛ فرؤساء الدول ذات التقاليد الدولاتية غير القمعية يتلقون البيض النيئ ومسحوق القمح على وجوههم؛ وقد يتلقون الصفعات في بعض الأحيان. لكنهم لا ينحنون ولا يهزمون؛ لأن تصرفات النشطاء هي تنبيه عام وليست رسائل شخصية.
والشباب المتظاهرون ليسوا بتلك الملائكية؛ لكنهم يمارسون حقهم في الانين وحقهم في البكاء وحقهم في الاحتجاج على طريقتهم؛ بشكل مختلف وصادم وصارخ وعلني تابعه عشرات الآلاف الموريتانيين على اختلافهم حوله.
إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا