إصلاح المنظومة العدلية خطوة لتصحيح المسار / اباي ولد اداعة
شكل خطاب رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خضم إشرافه علي إفتتاح أشغال المنتديات العامة حول العدالة بقصر المؤتمرات القديم تحت شعار أي عدالة نريد ؟ ! –
خطوة هامة لإصلاح و إرساء مفهوم القضاء حيث قال : – أن ليس ثمة ما هو أكثر تأثيرا و محورية في حياة االفرد و المجتمع من عمل القضاء بوصفه أساس الوحدة الوطنية و اللحمة الإجتماعية مذكرا بتعهد الدولة بأخذ مخرجات هذه المنتديات بعين الإعتبار من أجل ترسيخ قضاء مهني عادل معزز لدولة القانون و مصدر طمأنينة للجميع ، كما أكد أن الدولة بذلت جهودا كبيرة لدعم إستقلالية القضاء و ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات و وضع القضاة في ظروف ملائمة للقيام بدورهم علي أكمل وجه.
تاركا العنان لأهل الإختصاص من داخل فضاء الوزارة الوصية و من خارج أرضيتها لتشخيص الواقع و إبراز و تحديد مكمن الخلل في المنظومة برمتها و الخروج بخاريطة طريق علي شكل وثيقة وطنية و ضرورة ترجمتها الي مشروع عملي مفصل.
إنطلاقا من حس وطني من خارج دائرة الإختصاص و من الشعار العريض أي عدالة نريد ؟ فإننا نعتقد و نعلم جميعا أن الإصلاح له استراتيجياته و منطلقاته من المعطيات الرقمية المؤطرة بالإلتزامات الزمنية و ليس كلاما فضفاضا أو خطابا سياسيا رنانا لتسكين أوجاع المواطنين .
إن المواطن البسيط يتطلع اليوم و في ظل الحديث عن إصلاح قطاع العدل إلي إرساء عدالة إجتماعية شاملة الكل يجد نفسه فيها و تؤسس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة يعكس و يجسد مضامين خطاب رئيس الجمهورية في هذا الصدد ألا و هو القضاء في خدمة المواطن.
إن المتوخي من جعل القضاء في خدمة المواطن هو قيام عدالة متميزة بقربها من المتقاضين و ببساطة مساطرها و سرعتها و نزاهة أحكامها وحداثة هياكلها و تجرد قضاتها و تحفيزها للتنمية و إلتزامها بسيادة القانون في إحقاق الحقوق و رفع المظالم .
بغية كسب ثقة المواطن و المصالحة معه من خلال رفع المظالم عن الناس و صون حقوقهم و مساواتهم أمام القانون في كل الظروف والأحوال.
في حين يري بعض المتتبعين لشأن القضاء بأن هذا الفتور الحاصل في قطاع العدالة يعود إلي عدة عوامل و عوائق متباينة علي الرغم من تحسين وتطوير المنظومة و الترسانة القانونية نصا و حضور المجلس الأعلي للقضاء و دوره الفعال كأداة ضرورية لضمان إستقلال القضاء الموريتاني ،كما هو مرسوم في النقاط التالية :
‐ ضعف الأداء.
‐ غياب الإرادة الجادة.
– انعدام الصرامة.
‐ بطء إجراءات القضاء.
‐ صعوبة وصول أو ولوج المواطن البسيط الي قصر العدل لإستكمال إجراءاته الإدارية أو القضائية .
‐ تأثيرات و تدخلات باقي السلط في الشأن القضائي .
‐ غياب الوعي القانوني و القضائي لدي المواطن بسبب تخلي الحكومة عن دورها التعبوي في هذا الإطار.
وفي ضوء العدالة دائما سأل رئيس الوزراء البريطاني الراحل وتستون تشرشل أحد مستشاريه عن حال القضاء في بلاده إبان الحرب العالمية الثانية بعد أن دمرت البني التحتية و وصل الإقتصاد البريطاني إلي الحضيض فأجابوه بخير فقال مقولته الشهيرة : ( طالما العدالة والقضاء بخير فكل البلاد بخير .) كما ذهب إبن خلدون إلي القول إن ( العدل أساس العمران و الظلم مؤذن بالخراب ) فالعدل هو المنطلق لقيام الدولة وعمرانها ولا يأتي العمران إلا بإستقامة العدل وبرفع الظلم عن الناس حتي يطمئنوا علي أنفسهم و حقوقهم و ممتلكاتهم .
إن حسن تنفيذ مخطط الإصلاح العميق و الشامل المرتقب لمنظومة العدالة يظل مرهونا أساسا بالأداء المسؤول للقضاة و الإحتكام للنصوص و مدي إستجابة السلطة التنفيذية لقرارات و أحكام القضاء و إلتزامها الدائم بروحه و منطوقه دون أيما تقصير.
بالإضافة إلي خلق ثقافة قانونية شاملة لدي المواطن عبر التوعية المستمرة من الحكومة
تبيانا و توضيحا للحقوق و الواجبات و رفع اللبس فلاعذر لجهل القانون .
حفظ الله موريتانيا .