لقطات من تاريخ حافل بالثراء العلمي والثقافي للمدرسة الكنتية بـ”ودان” (الحلقة 1)

تشكل المدرسة الكنتية بـ”وادان”، أحد أهم مدارس الموروث الثقافي العلمي والعطاء الفكري الناصع، الذي لعب دورا قيما في بث المعارف، من خلال المكاتب المليئة بالمخطوطات النادرة، من أمهات الكتب النفيسة، مما كان يدرس في الصحراء، وفي مختلف دول المغرب والخليج والمحيط وشمال أفريقيا.

حمل رجال المدرسة المشعل في نشر العلم في ربوع الوطن، وبالخصوص مدينة ودان، التي شكلوا بها حضورا فكريا وموروثا ثقافيا لا زلنا نتتبع أثره، من خلال المخطوطات القيمة الهامة، وما بثوا من تاريخ حافل بالعطاء العلمي والموروث الثقافي، تناقلت ركبان القوافل أخباره وذاع صيته، في الشرق والغرب.

كانت المحصلة التاريخية والفكرية للمدرسة الكنتية الوادانية، في مدائن التراث صامدة في أوعية المخطوطات، أمام عاديات الأيام ونوائب الدهر، وعبث المتاجرين بالتراث وغطرسة المستعمر، الذي حاول وبدون جدوى أن يسلب الهوية والقيم الدينية والحضارية للمجتمع.

ينحدر كنتيي وادان، من نسل سيد أعمر  الملقب “المتغمبر” والتغبير في اللغة يعني رفع الصوت بذكر الله، بن الشيخ سيد محمد الكنتي الصغير، دفين “فركش” بأو جفت، ابن الشيخ سيد أحمد البكاي دفين ولاتة، ابن الشيخ سيد أمحمد الكنتي الكبير نزيل فصك، الذي يرجع نسبه إلى عقبة بن نافع الفهري الصحابي الجليل، فاتح إفريقيا وبلاد المغرب العربي.

وهو الذي فتح التكرورا

وغيرها مؤيدا منصورا

في زمن الغرم الفتى معاوية

خليفة في ذي البلاد النائية

لعب بدور المدرسة الكنتية بوادان أدوارا سياسية بارزة، تطرق لها الدارسون الموريتانيون والمستشرقون الفرنسيون في رحلاتهم الاستكشافية، التي كانت طريقا إلى التدوين عن منطقة الصحراء وسكانها، ومن أعمالهم السياسية بالمدينة الجهود الجبارة، التي قام بها سيدي محمد بن عبد الله وأخويه المختار وأحمد أمو ومحمد الأمين بن سيدي حيب الله وببان المتغمبرين، بالإضافة إلى آخرين من خارج المكونة، كان للجميع الفضل في أخذ الأمان لساكنة ودان سنة 1270هـ

في خضم حديثنا عن الدور السياسي لأهم المكونات الاجتماعية، بمدينة وادان، التي احتضنت رجالا كانوا قمة في الفضل والعلم والرفعة والسخاء، نذكر سيد أحمد بن سيد أمحمد الملقب لطرش، مجدد السور المتوفى سنة 1210هـ حمل هذه التسمية لكونه لا يسمع الشر من أحد ولا يقوله للناس.

عرف عنه من السيادة والقيادة والمجد والحكمة والشهرة ما لم يسبق له مثيل، ويذكر عنه من المزايا المهمة ما لا يمكن حصره، من بينه إعادته لبناء السور وسنه لميثاق اجتماعي تعاوني تميزت به مدينة ودان، رغم كونه القائم على إنارة مسجد الجامع العامر برواده مع توليه لمئونة المداحين للحبيب صلى الله عليه وسلم، وفق ما هو مرقون في وثائق ومخطوطات في مختلف المكتبات الأثرية التاريخية للمدرسة الكنتية الودانية، أعلام من أمثال الأطرش، برزوا في الفضل بروز الشمس في القيلولة وهم:

ـ محمد الأمين بن سيد أمحمد بن عبد الله الملقب حمد وأحفاده

ـ سيد أحمد  الملقب شماد بن سيدي أمحمد

ـ سيد أحمد بن حمد

ـ سيداتي بن سيد أحمد بن حمد

ـ سيدي محمد الملقب اللهاه بن سيد أحمد بن حمد

ـ محمد الأمين بن سيد أحمد بن حمد

ـ سيد أحمد بن الشيخ بن حمد

ـ سيد أحمد بن سيداتي الملقب أخ

ـ سيدي ولد سيداتي

ـ سيدي باب ولد اللهاه

ـ سيد أحمد ولد سيدي باب ولد اللهاه

لا يستطيع المتتبع حصر مزايا رجال المدرسة الكنتية وأدوارهم العلمية والثقافية، في شتى ربوع الوطن، وبالخصوص مدينة “وادان” التي شكلوا بها نهضة فكرية، تجلت في موروث ثقافي زاخر بالمخطوطات والنوادر النفيسة  في اللغة والأدب والفقه والنحو والبلاغة والبيان.

يتواصل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى