هكذا دون السفير السابق “حمود” ولد “عبدي”…
ست سنوات قضيتها،مسؤولا حزبيا،في “كيدم ماغا”،بين “احسي ولد اعلي بابِ” و “ول ينج “و مختلف بلديات المقاطعتين وقراهما،قبل استحداث المقاطعة الثالثة المحاذية، للنهر:السنغال أو صنهاجة.
ومكنتني هذه السانحة النادرة،وأنا المسكون،بالهمّ القومي،أن أغوص،في حضارة عميقة غنية وأن أتعرف،على شعب طيب شديد المحافظة،على خصوصياته، شعب نزيه وأمين وكريم وصبور…
ولأنني، لست، من النوع الذي يرضى، بالغنيمة بالإياب،فقد خرجت، من غوصي الصعب،بدرر نادرة تمثلت،في الولوج، إلى مفاتيح نظام السوانك الاجتماعي ذلك غير المتاح،إلا للخواص والمحظوظين.
وكم تفاجأ القوم،بعد مجيئي الأول والثاني، كيف أصبحت آتي، من الباب وأعرف،من أين تؤكل الكتف:
-أحضر،إلى شجرة الميعاد أو الجذوع والعيدان المخصصة لللقيا والكلام:((الجينكرة)) وأبادر بتقديم العزاء،فيمن قضى،تلك السنة،من أهل القرية؛ثم أقدم هدية لاتزيد عن المعتاد، وإلا حسبت من الرشى غير المقبولةولا تنقص،عنه، حتى لا تعنى عدم اعتبار، للمزورين.وبعد هذا الإيذان،بالدخول المطلوب،يأخذني صبي “الدادي”،إلى شيخ القرية”أسنّ “التونكا ليمي ” والذي لابدّ أن يكون أوهن العظم،منه وأصبح نخرا،ولكن أحد أبنائه الكهول هو من يتولى الاستقبال والضيافة، قبل أن ينضم،إليه، في تلك المهمة،بقية رجالات القرية،كل واحد بصفته ومستواه الاجتماعي:هذا رجل الدين:”المامي”: الدرامي أو السخنة أو السيسي،حسبماتكون دوحة الأسياد:”صانينكو” أو”كبينكو” أو “هايرينكو”أو أو “كانينكو” أو “بوتوغلو” إلخ…وهؤلاء “الجنكورو “أو الموالي الذين كانوا قد ضيعوا نبلهم السابق،بعد أن حاربوا،بمقابل،مع أحد النبلاء، فاصبحوا، في عداد التابعين، وإن بقوا، من الأحرار:”هوري” …
وهؤلاء رهط “انيقملي “،على اختلاف فئاتهم، من المهنيين والقنان والعبيد “انكومو ” “نانوما”وغير ذلك …
ولأنك ضيف الجميع، فكل قادم للسلام عليك يحمل، لك، هدية:(شايا،سكرا،حبوبا محلية أو فولا سودانيا…) أو يسوقها(عجلا اونعجة او خروفا أوجدي ماعز…)…
و في المرات الاولى،قبل أن أسبر كل الأغوار وأفهم كل الخفايا،كانت أكثر هذه الهدايا تضيع، مني وتعود ملكا جماعيا لأهل القرية،يقومون،بجردها وتقاسمها،بمجرد أن نغادر،ولكنني وقد أطلعت،بقدرةقادر ، على كل أسرار المعبد السونينكي،لم اعد أتخلى، عن كرائم مضيفي؛بل آمر أحد معاوني بجمع الغنائم وجمهوري لا يخفي إعجابه بهذا الدخيل الذي ما عاد كذلك،وياللغرابة!!يعلق كل، منهم،على مسمعي…
أما السر الأهم الذي لم ألبث أن اكتشفته فقد كان هو التعرف، على عمداء الجماعة،من داخل حدود البلد :الأول الذي تعرفت،عليه، كان الرجل العظيم الصالح:كاي سوماري سيلي “تونكا ليمي الهايري ينكو “.اما الثاني الذي جاء،بعده،إلى التاج، من “تونكا ليمي الكانينكو “الأماجد،فقد كان نجم الوظيفة العمومية الموريتانية ورجلا لا كالرجال:وهل يجهل؟!إنه كمرا صيدو بوبو.رحم الله قمري كيديماغا وخلدهما، في فراديس الجنان…
ولكل السوانك،من موريتانيا ومن كل المنطقة والقارة والعالم؛وخاصة،أصدقائي: الوزير النبيل:علي كمرا كالاديو والأستاذ والوزير جابيرا باكاري والنائب السياسي والسينيايست سيدني سوخنا والوزير:تيميرا بوبو و الباحث الدكتور :جاكانا عسمان… ،أقول:”آموغو ”
وللأولين،من الموريتانيين اللذين واكبا أهل النزاهة والنظام، في الافتتاح والختام وكل،من شارك،في إنجاح هذه الفعالية الرائعة المبهرة، أرفع آيات الشكر الجميل.