لقطات من تاريخ حافل بالثراء العلمي والثقافي للمدرسة الكنتية بـ”ودان” (الحلقة 2)
في الحلقة الماضية، تحدثنا عن أدوار مختلفة للمدرسة الكنتية الوادنية، من بينها الدور السياسي والاجتماعي، مطلقين العنان للقلم، ليبرز أهم رجالات المدرسة وما قدموا للمجتمعات، في تلك الحقب، من أمور كانت غاية في الأهمية، ما زال كثير من الدارسين يشيدون بأمرها ويتحدثون في بحوثهم وكتبهم عن تاريخها الحافل، برجال صادقين مخلصين، كانت لهم إسهامات نظيفة، في كافة مجالات الحياة.
علا شأنهم وبرزوا بأدوار كانت غاية في المجاهدة والصبر والحفاظ على تماسك كيان المجتمع الواداني، ونشر الرسالة السمحة المتمثلة في اعتناق المعارف الدينية بشكل مبكر، متشبعين بأنواع العلوم، ناشرين الوعي في بلادهم، وبالخصوص منطقة ودان، مكان العلم والنخيل، منبع الحكمة والرزانة والعقل والنباهة.
نوه كثيرون بأدوارهم العلمية والثقافية وعطائهم النوعي، الذي جسدوه في مكتباتهم القيمة الهامة، التي لا تزال إلى حد اللحظة، تختزن موروثا من المخطوطات النادرة، في كافة المجالات العلمية، نحوا وفقها وبلاغة ولغة، مما يظهر مدى اطلاع رجال المدرسة واهتمامهم بالعلوم الشرعية، في مختلف متونها.
لامس رجال المدرسة العلياء في الكرم والسخاء، فكانوا بذلك ملاذا لأصحاب الحوائج يؤموهم من كل الجهات، من أجل الحوائج وحل المعضلات ودفع الديات وقضاء الدين عن المدانين بمبالغة ضخمة، لم تكلفهم كبير عناء، نتيجة لتعودهم على مواصلة العطاء، حتى أصبح عادة وديدنا ونهجا لا يشكل إحراجا ولا إهانة، السر الذي جعلهم في طليعة كرماء عصرهم، قبلة للشعراء والأدباء، من كل أنحاء المعمورة.
تناقلت القصص والحكايات في قرون خلت، أخبار رجال المدرسة الكنتية الوادانية، في السخاء والكرم وأنواع النبل وأشكال المعالي والأمجاد، التي صدحت بها حناجر الفنانين ولهج بها الشعراء، في قصائدهم الأدبية والشعبية، ولا يزال كثيرا منها يردد على مسامعنا حتى اليوم.
يتواصل…
بقلم: أحمد ولد طالبن