معالي الوزيرة مهله أحمد تكتب،.. لم أفهم الغرض من الهجوم على وزير تمكين الشباب ؟
نعترف جميعا بأن الفساد الأخلاقي والإداري والمالي ينخر جسم إدارتنا ومجتمعنا ولا نتحدث عنه إلا نادرا ؛ خاصة إذا طفحت منه حالة إستثنائية على السطح. نعرف كذلك بأن فترة الشباب ظلمة وجنون يمر بها كل شاب إلا ما ندر؛ وقد ذكر أحد الدعاة الملتزمين “أن الفاحشة كانت موجودة ومنتشرة في المجتمعات منذ انتشاء البشر لكنها مستترة ولا نتحدث عنها إلا إذا ظهرت”، والمهم ان لا تظهر هذه الفاحشة علنا وأن لا نتحدث عنه إطلاقا، مادامت مستترة . فإذا ظهرت علنا، فهذا هو الفاحشة بعينها.
نحن أيضا نعرف أن معظم الشباب فاسد تعليما وتكوينا وأخلاقا؛ لكن طالما لم يظهر علنا في مظهر من مظاهر الفساد فلا نهتم به.
لذا لو لم ينتشر الكلام القبيح لإحدى الفتيات في مقطع اسناب شات بعد اجتماع وزير تمكين الشباب، لكان شيئا عاديا إن بقي بين الشباب ولم ينتشر في مواقع التواصل الاجتماعي .
هل نسينا أن 80% من مجتمعنا هم شباب أقل من أربعين سنة ؟ وهل تعلمون أن معظم هولاء من جيل Z ؟ Gen Z هم مواليد 1999 – 2000 ؛ وسمَّوا بهذا الإسم لأنهم منشغلون بالهواتف الذكية وتطبيقاتها ومنعزلون عن المجتمع وعن ذويهم: لا يتحدثون إلا مع أصدقائهم عبر التطبيقات، يطلبون طعامهم وأغراضهم عن طريقها ولا يتحدثون مع أحد ؛ ويعاني معظم هذا الجيل من الاكتئاب والقلق؛ وذلك ناتج أساسا من انشغال والديهم في العمل والبحث الدائم عن وسائل العيش لهم؛ كما يعانون هم أيضا من داء العصر وهو القلق والاكتئاب؛ ليس لدى هؤلاء وقت للحديث يوميا مع أولادهم وعن معانتهم اليومية؛ وبدل من توفير الأمان العاطفي والاجتماعي يكتفون فقط بتوفير الأمن والغذاء والدواء؛ فولَّد ذلك فراغا كبيرا في نفوس هذا الجيل ولم يتمكنوا من ملئه إلا بما تيسر من التفاهات التي يشجّعها العالم المتقدم من خلال التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي…
وفي ما يتعلق بلقاء وزير تمكين الشباب مع فئات من المجموعات الشبابية. يبدوا أن الوزير إتبع منهجية عمل مهنية وتشاركية منطقية بمفهوم هذا العصر : بدأ بالجمعيات الشبابية ثم واصل مع مجموعة Z Gen الذي أعطى زخما إعلانيا كبيرا لنشاطات الوزارة… ذكَّرتني نشاطات الوزير بالفترة الانتقالية حين كنت مكلفة بقطاع الشباب والرياضة، حيث طلبت لقاء جميع قيادات المجتمع المدني للتشاور معهم حول خطة عمل الوزارة؛ وأتذكر أنني التقيت بهم في قاعة دار الشباب القديمة؛ حيث أمتلأت القاعة تقريبا بمختلف أنواع القيادات رجالا ونساء انذاك بما فيهم الشباب ومن ذوي الإعاقة؛ فكان لقاءً طويلا ومنهكا لكنه كان مفيدا بمعايير ذلك الزمن؛ والحمد لله الذي لم يكن عندنا وسائط تواصل اللا إجتماعي واللاأخلاقي من Snap Chat و TikTok وغيرهم.
وإذا كان فعلا حصل أي خطء من أخطاء الإخراج لنشاطات السيد الوزير، ولا أعتقد أنه حصل، فلماذ إذاً الهجوم عليه ؟ فهل السبب هو الخرجة القبيحة لبعض الشابات ؟ لماذا ” يشربو هوم العلك وينتفخ ( الكاره والحاسد السيد الوزير؟! وقول البعض أنه أخطأ بإعطاء الأولوية “لصناع محتوى التفاهات” حسب قولهم؛ هل تناسوا أن هذه المجموعة تعكس واقعنا الحقيقي، حيث شكلت التفاهات والتافهين أكثرية الصناعات المجتمعية ؛ نظرا لما ذكرت آنفا.
فكيف يمكن لمؤسساتنا التعليمية والتكوينية التي توصف بأنها فاشلة أن تخرج غير هذا النوع من التفاهات؟ وكيف يمكن لخططنا العمومية لتشغيل الشباب والقطاع الخاص أن تخرج لنا ناجحين ومفيدين ؟ لما ذا لا يتفهموا أن أولادنا وبناتنا صناع التفاهات هم بضعة منا ولا بد لنا من احتوائهم؛ لمحاولة تهذيبهم وإدماجهم أو على الأقل للاستفادة من شهرتهم في الإعلانات… نحن نتحمل مسؤولية ما هم فيه. “اللحمة إلين تخنز يتولاها الا مولاها”.
فمثلا، التيكتوكر Kodda Sall واحد من أولادنا الذين يقدمون محتويات بعضها سخيف وبعضها طريف ومفيد؛ وإن لم نحتويه ستأخذه دول أخرى لعل ما لديها من المحتويات السخيفة ما لا يكفيها؛ التفاهة أصبحت تجارة رابحة في العالم.
فما ذنب الوزير الذي تميز عن غيره، حسب المعلومات المتوفرة لدي، بحسن التربية والاخلاق والكفاءة والفاعلية… كان حسب تجربتي الشخصية، من أحسن الوزراء في الحكومات السابقة ؛ ومما لاحظته من حسن تدبيره الإداري أنه كان هو الوزير الوحيد الذي يرد كتابياً على الرسائل الموجهة إليه في وزارة الرقمنة …
لم أفهم حقيقة الغرض من التهجم عليه!! للتذكير، لا تجمعني قرابة مع وزير تمكين الشباب ما عدا غيرتي على الوطن وعلى الشأن العام بما في ذلك أهمية بل ضرورة تمكين الشباب ودمجهم.
أخشى أن نكون معادين للناجحين والمتمكنين ولا نريد إلا الفاشلين والتافهين !!
غريب أمرنا؛ فلماذا نتعامل مع الأمور بازدواجية غربية ؟
وزارة تمكين الشباب والرياضة والخدمة المدنية
@à la une