كيف سُخِّرَ العدو لخدمة السنوار؟!/ محمد الأمين ولد الفاظل
كيف سُخِّرَ العدو لخدمة السنوار؟!
من الطبيعي جدا أن يسأل البعض عن السبب الذي جعل العدو يقوم “ببث شبه حي” للقطات الأخيرة من حياة الشهيد يحيى السنوار، وذلك من خلال تسريبه لصور وفيديوهات حصرية اختزنت تفاصيل تلك اللحظات.
ألم تُصِبْ هذه التفاصيل الحصرية كل دعايات العدو في مقتل؟
فلا زي نسائي ظهر، ولا نفق شوهد، ولا درع بشري برز، ولا أسرى في الخلفية.. لا شيء من كل ذلك ظهر في تفاصيل اللحظات الأخيرة التي وثقها العدو حصريا.
فبأي منطق ـ إذا ما تحدثنا بلغة المنطق ـ يطلق العدو رصاصة قاتلة على دعايته التي ظل يروج لها لعام كامل، خاصة أنه كان هو الشاهد الوحيد، والحاضر الوحيد، والموثق الوحيد لتفاصيل استشهاد السنوار؟
قد يقول قائل بأن الصور سربها أحد الجنود، وبعد تسريبها لم يعد بإمكان العدو أن يفعل أي شيء لاستراجعها أو تفنيدها. قبل العودة إلى الصور التي سربها الجندي، فلابد من التنبيه إلى أن هناك صورا وفيديوهات أخرى تضمنت التفاصيل الأكثر رمزية في الاستشهاد، نقلها فيما بعد الناطق الرسمي لجيش العدو، منها أن السنوار ألقى بقنابل على العدو، ومنها ظهوره ملثما جريحا جالسا على أريكة يرمي مسيرة بعصا. ( أذكر بمناسبة رمي العصا بالمثل العربي الجديد الذي كان عنوان مقالي يوم أمس : “رميته بعصا السنوار”).
بالعودة إلى صور الجندي دعونا نطرح السؤال : بأي منطق يُسَرب الجندي تلك الصور؟
إن أي جندي يمتلك أدنى ذرة من عقل اكتشف صدفة أنه قتل قائدا كبيرا يُعد المطلوب الأول في “بلده”، لن يُسارع في نشر صوره، ويتأكد الأمر أكثر إذا كان هذا الجندي يعمل في الجيش الأكثر كذبا وخداعا وفبركة وتزييفا للحقائق في العالم.
إن أول فكرة كان من المفترض أن تخطر ببال هذا الجندي عندما وجد تشابها بين الجثة والمطلوب الأول لقادته، هي أن يتريث قليلا في التصوير، حتى يجد زيا نسائيا يلف به الجثة من قبل تصويرها، أو ينتظر حتى ينقلها إلى نفق أو إلى مدرسة أو إلى مستشفى تم تدميره مؤخرا، أو يذهب بها إلى جثث بعض الضحايا من المدنيين العزل فيلقيها بينهم ثم يصورها.
وبطبيعة الحال، لم يكن هناك من يستطيع أن يكذب بدليل ملموس متماسك منطقيا، أي رواية ينشرها العدو عن اللحظات الأخيرة في حياة الشهيد السنوار، وذلك لسبب بسيط جدا، وهو أن العدو كان هو الحاضر الوحيد، وكان هو الشاهد الوحيد، وكان هو الموثق الوحيد لتلك اللحظات.
لقد أحيل بين العدو مع الفبركة رغم خبرته فيها، بل أكثر من ذلك، فلم يُحرم العدو فقط من فبركة صور الاستشهاد لدعم روايته التي كان يروج لها، بل إنه سُخِّر من حيث لا يدري لخدمة القائد الشهيد، فصور ووثق كل التفاصيل الصغيرة التي أدهشت الكثيرين، ليس فقط في بلاد العرب والمسلمين، بل وفي العالم كله، وما ينشره في مواقع التواصل الاجتماعي بعض النشطاء من مختلف دول العالم من إعجاب بالقائد الشهيد يؤكد ذلك.
لكي تفهموا ما حدث من تصرفات خارج المنطق، ما عليكم إلا أن تقرؤوا الآية رقم 30 من سورة الأنفال بتدبر : ((إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين )).
صدق الله العظيم.
حفظ الله المقاومة..
محمد الأمين الفاضل
Elvadel@gmail.com