الماسونية في موريتانيا… حصاد جهنم / حماه الله ولد السالم
وطئت أقدام الغزاة الفرنسيين أرض (انْدرْ) سنة 1659 فتشاءموا من الاسم وذكّرهم بدار الإسلام، فحولوه إلى القديس لويس (Saint Louis) وأسسوا هناك أول محفل ماسوني في شبه المنطقة وله فلسفته الخاصة، ثم كان مطية لهم إلى قلوب المئات من السنغاليين والخلاسيين وحتى البيظان شمالا.
كانت المحافل تشق الطريق قبل الكتائب العسكرية، تجوس خلال الديار والمنابر، تدس السم للأمراء والعلماء، وتغري آخرين بالمال والمتاع، وتنشر الأراجيف والخلاف وحتى الكراهية.
انضم للماسونية الاستعمارية رجال من ذوي الهيئات وحتى من أولي الأحلام والنهى، رغبا ورهبا، جهلا أو مجاملة، وفي كل الأحايين كانت العواقب مؤسفة بل صادمة ومأساوية.
حدثني من لا أستطيع البوح باسمه، أن شخصا موريتانيا من المشايخ من عهد ما قبل الدولة، تبنته تلك المحافل سرا، وظلت تغدق عليه مالا وتبجيلا وحماية، وتمكّن له لدى الإدارة الاستعمارية، وجدت بطاقة انضمام المذكور إلى محفل سان لويس، عثر عليها أحد أحفاده، مكث برهة لا يترحم عليه لشدة الصدمة.
بعد أن أصبحت موريتانيا مستعمرة انتقلت الماسونية عمليا إلى بعض المناطق عبر التجنيد لشخصيات مهمة أو عبر الولاء للمحفل من طريق غير مباشر، ثم جاءت المحافل عمليا مع أسر خلاسية وعربية وحتى من البيظان وصارت تنتشر في بعض مدن الداخل ثم في العاصمة بعد تأسيسها.
كان الرئيس الأسبق المختار يراوغ زملاؤه الماسون، ويتحايل عليهم، ويعرض عن تغيير الأحوال الشخصية بدعوى أن ذلك يغضب الشعب ولم يحن أوانه، لكنه قبل ـ بادي الرأي ـ دستورا علمانيا بالكامل، وغض الطرف عن ممارسات احتفالية وسلوكية مخالفة للشرع في الفنادق القليلة وفي بعض الكيانات الخاصة (بار كيتا مثلا)، وعن تغلغل أسر من داهومى إلى العاصمة، وعن انتشار ممارسات محفلية في دور معينة، وبالطبع عن تعيينات في الحكومة والأجهزة لماسونيين أو لمن يقترحون، والأدهى أن الرئيس نفسه كان مراقبا من أكثر الناس لصوقا به، وهي زوجه التي أدخلته المحفل في معهد القانون، وعرفته على طلبة ما وراء البحار وهو نادي ماسوني وهيئته للعلاقات المثمرة مع القيادات الماسونية التي ساعدته على استقلال البلاد.
وقت ذاك سادت روح ماسونية خبيثة تعادي الدين وتسخر من المتدينين بل وتسخر من رجال التربية من “أهل العربية” وتحاصرهم بكل الوسائل وتمكن للفرنسية تمكينا لا هوادة فيه خدمة لفرنسا ومصالحها وتكريسا لهيمنة الماسونيين وأبنائهم وأسرهم، بل تم تطبيق ما يسمى “اللوحة السوداء” في الرواتب من أجل تكريس الجوع والمذلة وتحطيم معنويات الموظفين والعاملين ومنعهم من الشعور بالكرامة والاستقلالية وما يزال ذلك ساريا حتى اليوم.
كان المختار محاطا بزملائه الماسون، من السنغال، ومن الخلاسيين ومن الترارزة ومن لبراكنة، ثم بعد ذلك من كل الولايات الأخرى ومن جل القبائل المهمة ولاسيما من الزوايا، ثم بورثتهم من شبابهم الجدد، وعندما تأكدوا من أنه “امرگ لهم ليْد” دبروا ضده أحداث 1966م والتي كانت انقلابا ماسونيا فرنسيا مكتمل الأركان وبقيادة رجلين قويين في النظام كان ماسونيين عريقين.
كانت الشعارات المعلنة وقتها الصراع بين الطلبة المعربين والطلبة الزنوج المدافعين عن الفرنسية، وكان ذلك مجرد كذب محض، بل تم تدبيره من جماعة المحفل في باريس من زنوج يتبعون لها، وكان الهدف الأسمى تفكيك موريتانيا ولاسيما الشرق الذي يخشى الماسون منه لأن منه سيأتي “المخلص القادم” الذي سيبطش بالماسونية وربما يغير وجه المنطقة.
وقد كانت أحداث الحموية 1944 عملا مبكرا من ذلك التآمر لتقسيم البلاد ووأد مجيئ أي مخلص ينقذها، وسيتكرر الأمر بعد أحداث 1966 مع انقلاب 1978 والذي كان انقلابا ماسونيا، وتم بعده التلاعب بالمدنيين والعسكريين على السواء، ومنعهم من بناء أي حياة سياسية سليمة بل جعلوا الرئيس هيدالة في دوامة من التآمر عليه لاسيما بعد حادثة 16 مارس 1981، ثم كانوا يتلاعبون بالتقارير ليكون ضحية قمع منه للحركات السياسي لم يعرف سببه وليثيروا ضده الجميع حركات وجهات، وليتم لهم الثأر بيده ممن لا يعجبهم، ثم هيئوا له انقلابا ماسونيا فرنسيا وجاءوا بالبديل الذي قاموا بحمايته من المحاكمة الحقوقية على إثر أحداث عرقية هم من صنعها وكانوا أيضا وراء مذابح دكار والصرع الموريتاني ـ السنغالي من أجل تحطيم الدولة الموريتانية، ولما فشل المخطط فرضوا على الطرفين التفاهم خشية انقطاع السبيل على مراسلاتهم التي تتم يدا بيد شفاهيا ويوميا عبر معبر روصو، ولم يكن معاوية هو الرئيس الجديد بعد انقلاب 1984، بل كانوا هيئوا آخر ثم استبدلوه بصاحبه، الذي سمح لهم باستقبال الوفود عبر المطار سرا ومن دون تفتيش ولا تأشيرة وبفتح النوادي البوهيمية للعربدة وباختطاف مئات البنات من الأسر الضعيفة للممارسات القذرة، وكان ذلك من أسباب انتفاضة الضباط الشرفاء في محاولات انقلابية مختلفة، كما كرسوا الممارسات الإباحية الشيطانية والتي ورطوا فيها الجميع من الضباط إلى “رجال الدين” إلى الإداريين والتجار والساسة، وتغاضى الرئيس نفسه عن ممارسات الابتزاز التي سلطوها على الجميع، بعد اختطاف بناتهم وتصويرهن في أوضاع مخلة، ما جعل الجميع تحت سلطانهم وجعل الدولة مخترقة بالكامل، والأدهى من ذلك أنهم قاموا بعملية تسليط للسحر الأسود على آلاف الرجال والنساء من أعضائهم ومن الخاضعين لهم رغبا أو رهبا، و قاموا ببناء قصر خاص لتلك المهمة يقع على مدخل دكار يحوي آلاف الصناديق الخشبية الحاوية للمتروك البشري وملابس وشعر كل المسحورين ليظلوا تحت رحمة شياطين هوائية تراقبهم وتتسلط عليهم وتطيعهم في بعض أمورهم خدمة للماسونية وتجعلهم طوع أمرها حتى في أمورهم الخاصة، والأهم في أمور أخرى تهدد المصالح العمومية الموريتانية من المشاريع إلى التربية الوطنية إلى الأخلاق العامة وحتى المؤسسات الدينية التي طاولها التخريب والاختراق.
كان ذلك سبب التكرار الغريب في اعترافات قاتل أمه، وكان يقول: لو اعترفت بالحقيقة لحدثت حرب أهلية!
كانوا وراء توقيع اتفاقية مع البنك الدولي قضت على قيمة العملة الوطنية ثم أجهزت على قيم المجتمع وأخلاقه، بسبب تردي مستوى الحياة وكلفة المعيشة المتدنية قبل ذلك، و من خلال التجويع الممنهج الذي جعل الكثيرين أمام خيار التخلي عن الشرف أو الموت جوعا ونسيانا، حدث ذلك لآلاف الأسر والرجال والنساء والشباب، في الثمانينيات والتسعينيات وما تلاها، وفتح الباب واسعا أمام أكبر عملية هدم بل ثأر من هذا الشعب من خلال التجويع للمواطنين الشرفاء أو حصارهم أو دفعهم للهجرة مرغمين أو حتى الموت سما واغتيالا في المشافي أو على قارعة الطريق، وتمت عملية تشويه مرعبة للشرفاء النبلاء والوطنيين بكافة السبل وعلى أيدي أقاربهم أحيانا لتكون الحجة أبلغ، وجرى نشر الرذيلة وبصور مقززة لم تألفها جموع هذا الشعب، بتشجيع الشباب والبنات على الممارسات القذرة والمصورة واندفع البعض لما هو أبعد بقبول تبادل الزوجات وحتى الاعتداء على المحارم، بل جرى تصوير آلاف الأشرطة والصور جمعت من الشقق المفروشة والفنادق المؤجرة وعلى أيدي أجانب من عرب المشرق ومواطنين لرجال في أوضاع خاصة “شرعية” من أجل ابتزازهم أو في أوضاع لا شرعية من أجل إخضاعهم وإذلالهم وذات يوم جمعت تلك المادة وجرى تهيئتها للإرسال عبر الأنترنت ولولا لطف الله وضعف الشبكة وقتها والمطاردات اليومية والليلية المعقدة من رجال الاستخبارات الوطنية الشرفاء لتلك العصابة، والتي تم القبض عليها وعذبت عذابا نكرا وجرى إتلاف كل ما جمعته من صور وأقراص، لكانت البلاد أصبحت في مهب الريح أو في أدراج النسيان لأن المادة القذرة كانت تحوي صور وتسجيلات لقيادات عسكرية وأمنية وشخصيات عامة من المدنيين ومن النخبة المعروفة التي لا تمتلك وعيا أمنيا ولا قليلا من الحزم والاحتياط.
أصبح للماسونية في موريتانيا لوبي منتشر كالأخطبوط في مفاصل الدولة يشكل جهازا مرعبا للتجسس لصالح الاجنبي وأداة عملية له من أجل إثارة المشاكل وتقويض المشاريع النافعة ومنع النماء والإصلاح والبناء والتقدم والأدهى من ذلك ترسيخ الكراهية والبغضاء بين جميع مكونات الشعب جهات و قبائل وفئات وأعراق وحتى أسر بعينها، و أيضا نشر الرذيلة وتدمير الأسرة وتحطيم النماذج المضيئة من الأم إلى المربي إلى العالم والمثقف، وتم تشجيع نزع الحياء عن البنات والنساء عموما وتكريس ثقافة المادة ثم سلوك الإباحية والعربدة.
يكاد يكتمل مشروع الماسونية (كلاب النار) للثأر من هذا الشعب بتكريعه وإفساده ونزع شرفه ونبالته وقيمه، تحت دعوى أنه ظلم اليهود المختفين تحت أسماء أخرى، وهي فرية لا أساس لها، ومن أجل التمكين لمصالح فرنسا ماليا وسياسيا وثقافيا، وإقصاء بل وتحطيم عقيدة الإسلام وشريعته في نفوس وسلوك أبناء هذا الشعب، وجعلهم يتحللون من كل قيد، وقد أصبح كل ذلك شاخصا وبات يعلن تدريجيا ومن دون خوف أو حياء، استقواء بالأجنبي واستخفافا بالدولة نفسها، لقد صار لهم جيل كامل من الكافرين بالله ورسوله والمتمردين على شريعته والناقمين على النبالة والشرف والساخرين من اللغة العربية وأهلها، وأيضا من الذين أشربت قلوبهم روح المادة والفسوق والكارهين للفطرة السوية.
وبات بإمكانهم قول ما يشاؤون وتعيين من يريدون والتشويه لمن يكرهون وأيضا تعليم الصغار من يختارونه من فحش وشذوذ ومنكر، وباتت مدارسهم التابعة للسفارة الفرنسية أو لخواص مجهولي المصدر، تعيث فسادا في التربية وتكرس الاغتراب والتحلل، من دون رادع، لأن هنالك من يحميها من رجال الدولة ورجال الأعمال وغيرهم.
إنهم يطوقون البلاد مؤسسيا وقانونيا وثقافيا وسياسيا، ويحكمون قبضهم على ما يشاؤون ولا يختلفون إلا في الصراع على المنافع والمادة والشهوات. وبات لهم جيش كامل يقوم بالعمل الميداني من ابتزاز ونشر للرذيلة والبطش في الأعراض بكل السبل التقنية والسحرية.
لقد نجحوا في تقويض المشروع الوطني، و فوات 60 سنة من حياة أمة بأسرها، وإنشاء جيوش من عبدة الشيطان تأتمر بأمرهم، وتسجد لتمثاله النجس المقام في قاعة سرية ضخمة تحت بناء عادي في جنوب العاصمة مؤثثة بزرابي وأثاث لا يوجد في القصور الملكية.
و استطاعوا منع كل نظام من المصالحة الوطنية وإنهاء الملفات المعقدة و من بناء أي مشروع مفيد تموله دولة عربية والسيطرة على البنوك والشركات والمصالح المالية المركزية وهيئات القانون والقضاء والمحاماة والطب والتدريس الجامعي و الإعلام.
وفي سبيل منع خروج موريتانيا من المأزق والحصار والتخلف، يجري بصمت، ثم بعلنية، تشويه وحصار وربما محاولة اغتيال أي شخصية تحمل ولو نزرا من الكرامة والشرف والوطنية، جرى ذلك في حق رجال من الجيش والجامعة والقضاء والطب وغيره.
لقد نجحوا في أمر آخر وبصورة مضاعفة وهو أنهم بقوا في الخفاء، ويمكنهم فعل ما يشاؤون ولن يستطع أحد إدانتهم، لأنهم ببساطة غير موجودين، و من يعتقد غير فلن يصدقه أحد.
مشروع اللوبي الماسوني في طريقه إلى الاكتمال، لينتهي هذا الشعب بين لاجئ أو مهاجر أو منحرف فاسق، أو تدخل البلاد في حرب أهلية أو إقليمية تنهي وجودها إلى الأبد عبر ثورة داخلية قريبة جرت أحداث تمهد لها في الركيز وانواكشوط ومدن داخلية أخرى أو غزو خارجي من قوات لا نمطية مثل مليشيات فاغنر وهي على مرمى حجر في عقفة نهر النيجر وما تقوم به من اختطاف المواطنين هو مقدمة لأمر دُبّر بليل.
أيها الموريتانيون أنقذوا وطنكم قبل أن يفوت الأوان
اللهم إني بلغت
اللهم فاشهد
كتبه عبد ربه الغني بالله
حماه الله ولد السالم
أحمد المقدري شهرة وانتسابا
ولله الأمر من قبل ومن بعد