عن الانتخابات الرئاسية المنتظرة والتغيير الحكومى المحتمل / سيد أحمد ولد باب (*)
لولا قدسية المواعيد الإنتخابية فى النظم الديمقراطية الحديثة ، وإلزامية الآجال الدستورية المتعارف عليها؛والترتيبات القانونية المطلوبة لتوكيد المؤكد، وتثبيت الواضح؛ لما كنا اليوم فى موريتانيا بحاجة إلى اجراءأي انتخابات رئاسية، بحكم المعلوم من عزوف النخب السياسية والمالية عن منافسة الرجل الممسك بزمامالأمور منذ يونيو 2019، وانحياز الشعب الواضح لمشروعه ؛تصريحا وتلميحا وفعلا على الأرض ؛ انحيازترجم ثقة الشعب فى المعلوم من السياسة والتسيير منذ انتخاب الرئيس . إنها خمس سنوات من التهدئةوالحوار العقلاني، والإنشغال اليومى بما ينفع الناس ويمكث فى الأرض ، ومعالجة كل التحديات المطروحةبهدوء وروية فى بلد ما أتعقد فيه الإجماع على الجنوح للتهدئة مع حاكم منذ الإستقلال، كما هو واقعاليوم.
لايمتلك الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى بالطبع عصى سحرية لتغيير الواقع الذى ورثه بين عشيةوضحاها ؛ ولكنه كما قال الخليفة الزاهد عمر ابن عبد العزيز ذات يوم لولده المتحمس من أجل قلب قواعداللعبة السياسية فى نظام الأمويين – وقد عرف إخلاص والده وصدق سريرته ورغبته فى التغيير – : ألايكفيك ياولدي أن أباك يحيي كل يوم سنة ويميت كل يوم بدعة ؟ .
إنها سنة التدرج والإنتقال السلس من الواقع السيء بكل تفاصيله إلى ميدان تأخذ فيها الرؤي الإصلاحيةمداها المطلوب ، ويعلى فيه من منطق الخير والإنجاز،
وكسب قلوب الرعية عبر إجراءات ملموسة علىالواقع بعيدا عن دغدغة المشاعر وتقديم النفس للجمهور فى أثواب من القدسية الزائفة ، لاتلبث أن تنهار فىأول اختيار . مشروع يثبت كل يوم قدرته على تعزيز التنمية القاعدية فى جهة ما من جهات وطننا الحبيب ،والقدرة الفائقة علي إغلاق أبواب كانت مشرعة للنهب والتبذير وسوء التعامل مع الرعية؛ ضمن مسار ستكون نهايته دون شك، حكامة رشيدة، وحقوق مصانة، ومكاسب مبثوثة ؛ لاينزف عنها محتاج ، ولايصدععنها صاحب حق.
إن الاستحقاق الانتخابي الذى أطل برأسه (نهاية يونيو 2024) ، ليس سوى محطة من محطات المراجعةوالتفكير داخل معسكر السلطة الحالى، والإستمتاع بقيمة العلاقة الوطيدة مع الشعب أوقات الرخاء ، فىوقت يتحسس فيها مجمل القادة داخل العالم العربى وخارجه رقابهم ، وهم يصارعون من أجل تثبيت كراسيالحكم التي وصلوا إليها بالانتخاب أو الانقلاب ؛ إنهم يخشون ضياعها كلما عنت لحظة الجد وتوجهالناخب للإدلاء بصوته، أو حدث تحرك عسكرى لأصحاب الأحذية الخشنة فى قطر من الأقطار ، بفعلالإحساس بضعف المشروعية السياسية ، وغياب المنجز، و التحديات التي فرضتها معطيات العالم المتحولبشكل غير مسبوق ، أو كرستها سياسات غير رشيدة ، وإجراءات متخذة دون تقدير لعواقب الأمور .
لايحتاج الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى للنزول بثقله السياسى داخل الساحة المحلية من أجل ضمانأغلبية ساحقة هي فى الأصل مضمونة، بفعل المعلوم من ضعف المنافسين فى معسكر المعارضة وقوة الحجةلدى الرئيس وبعض معاونيه . ولايحتاج إلى تعديل وزاري فى الوقت بدل الضائع لتنشيط التولفة الوزاريةالحالية ؛ فأنظار الجميع ماعادت تنظر لبعض التفاصيل هنا أو هنالك ؛ بل أعين الكل مشدودة نحو الحكومة المتوقعة بعد الانتخابات الرئاسية القادمة ، لأنها الضامن بعد الله عز وجل للشروع دون تأخير فى خمسية جديدة من البناء والتعمير والإنجاز
. ولايحتاج الرجل لتغيير ديوانه – كما يزعم البعض ويتمنىفى الوقت الراهن- بل للتمكين لمدير ديوانه الحالى ، فى موقع يضمن منه تنفيذ ما ألتزم به الرئيس للشعب دون تسويف ، ومتابعة المشاريع التنموية من موقع صاحب القرار المفوض بتنسيق العمل الحكومى، وقيادةمسار التنمية فى الداخل ، ضمن الخطوط العريضة لبرنامج رئيس الجمهورية ذاته. ليتفرغ الرئيس لتسييرماهو أولى وأهم فى الوقت الراهن ؛ العلاقات الخارجية، والملفات العسكرية والأمنية ؛ وإصلاح العدالة ؛ عبرمسار يضمن المحافظة على كيان البلد فى ظل أوضاع معقدة بالإقليم، والحضور فى المشهد العالمى عبراستغلال المتاح من نقاط القوة والتأثير؛ وتحصين الواقع بعدالة ناجزة ، لاحيف فيها ولاتقصير.
إن المتاريس التى يحاول البعض وضعها اليوم أمام المستقبل المنتظر لحسابات سياسية ضيقة ؛ هيمتاريس من ورق ، وحجج واهية فى ظل نظام رئاسي يحق لرئيس الجمهورية فيه ، التمكين لمن أراد منمعاونيه بغية إنجاز مشروعه المجتمعي وفق المعايير التي يريد ، وإنهاء مسار أي شخص فى أي موقع داخلالسلط الثلاثة ؛ لتخلوا لصاحب القرار أدوات السلطة دون قيد أو شرط ، يوازن بها كيف يشاء. ومن حملتهإرادة الرئيس، وتوجيهه لمنصب تنفيذي أو قيادة مؤسسة من المؤسسات الدستورية ، عليه دوما أنيستحضر إمكانية الرحيل بنفس المنطق الذى أوصله للمنصب ؛ وبشكل قانوني لا شية فيه ولا إحراج.
إن من يساند رئيس الجمهورية ويدعمه، وينحاز للشعب