برنامج الحكومة..عمق الطموح وألق الطرح!../د.محمد ولد عابدين
إنها الرسالة الأولى للرأي العام الوطني بصدق النية وجدية المسعى في التأسيس لحكامة قوية وصارمة في تسيير مقدرات البلد وثرواته وأهم ملفاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية ، عبر الشروع في إطلاق ورشات سياسية وتنموية واقتصادية تمهد لعمل مؤسسي جاد ؛ يحدث جملة تحولات عميقة وإصلاحات جذرية وشاملة في طليعة رهانات وتحديات المرحلة ، ومهمات الحكومة وأولوياتها التي شرعت في صياغة مقاربات ناجعة لتحقيقها ، وبلورة سياسات فعالة لتنفيذها.
وتأسيسا على المحاور الخمسة لبرنامج رئيس الجمهورية واستئناسا بها ، تمت صياغة بيان السياسة العامة للحكومة ، فجاء محكما مبنى ومعنى ، منهجاوصياغة ، سياقا ونطاقا ، متسما بشمولية المحاور وتكاملية الدوائر ، متميزا بالدقة في تشخيص التحديات والرهانات ، والعمق في توصيف الحلول والمقاربات ، يبشر بترسيخ دولة القانون والمؤسسات ، ويعد بالتغلب على الضعف البنيوي للاقتصاد الوطني ، ويعمل على خلق موارد بشرية جاهزة للعمل ، ويدعو إلى تحصين الوحدة الوطنية وتوطيد الانسجام المجتمعي ، بغية الحفاظ على الأمن والاستقرار في محيط مضطرب.
وينتهج هذا البرنامج الحكومي أسلوب الحوار القمين ببناء نظام ديمقراطي صلب وقوي ، وتجذير خيار النهج الديمقراطي الحضاري ، من أجل صياغة مشروع توافقي لتحديث البلد وتنميته وتقوية حكامته السياسية وبناء قدراته الاقتصادية الذاتية وتعزيز وحدته الوطنية وتماسك لحمته الاجتماعية ، من خلال إرساء مدرسة جمهورية موحدة وجامعة يرتادها كل الموريتانيين على اختلاف مشاربهم وتفاوت مستوياتهم ، فضلا عن التأسيس لمرحلة جديدة من محاربة الفساد بلا هوادة ، والقطيعة النهائية مع ممارساته ؛ بمشاركة جميع النخب الوطنية.
لقد تميز هذا البرنامج بوضوح الرؤية على المستوى المنهجي ؛ إذ اشتمل على سقوف زمنية واضحة ومحددة لإنجاز وتنفيذ المشاريع في المديات القريبة والمتوسطة والبعيدة ؛ فثمة مشاريع ستكتمل نهاية السنة الجارية ، وأخرى استعجالية سيتم إطلاقها قبل نهاية السنة الحالية ، ومشاريع هيكلية ذات أبعاد استراتيجية ، ومن أبدع ماتميز به استحداث وإطلاق مبادرات ومنصات لإشراك المواطنين في متابعة ومراقبة العمل الحكومي ، ولتقديم مظالمهم والإبلاغ عن الاختلالات والخروق القانونية ، فضلا عن المنصات الرقمية الخاصة بالفاعلين في العملية التربوية والمتدخلين في مجال الصحة العمومية.
وقد تميزت ردود معالى الوزير الأول على مداخلات السادة النواب بوضوح الرؤية وقوة الحجة ، وبرهن بجدارة واستحقاق أن الرئيس أعطى القوس باريها ، وأبان من خلال عرضه وردوده عن رؤية عميقة ومقاربة مستنيرة ؛ تنم عن دقة فهمه وسعة إدراكه وعمق خبرته وطول مراسه ، وتعاطيه البناء مع الشركاء والفرقاء بأريحية ورباطة جأش ، لقد جمع الرجل العديد من الخصال والخلال ، وأوتي فصاحة المقال وحصافة الجدال ، وحكمة الحجاج وحنكة السجال ؛ مستلهما تراثا إداريا باذخا ومسيرة مهنية حافلة ، وتجلى ذلك بوضوح في حجم الثقة التى حظي بها برنامجه ، وتزكية نواب الشعب له بأغلبية ساحقة عكست عمق الطموح ومصداقية الطرح.
د.محمد ولد عابدين
إكاديمي وإعلامي