د/ ختار الشيباني أستاذ الاقتصاد بجامعة انواكشوط يكتب عن مميزات وعيوب تعويم العملة
عن مميزات وعيوب تعويم العملة: كمدخل للموضوع أود أن أشر إلى أن موريتانيا وغيرها من البلدان النامية لا تتملك الكثير من الخيارات وأن تحرير سعر صرف الأوقية من شروط صندوق النقد الدولي التي لا مفر منها للحصول على القروض.
“هناك طريقين لتحرير سعر الصرف: أحدهما التعويم والثاني الخفض التدريجي، وأن الحكومة الموريتانية اختارت التعويم”.
أي جعل سعر صرف الأوقية محررا بشكل كامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر. وإنما يتم إفرازه تلقائيا في سوق العملات من خلال آلية العرض والطلب التي تسمح بتحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
دور تعويم العملة في إنعاش الاقتصاد ان فك ارتباط الدولار بالذهب، انقسم فيه العالم إلى توجهين: الأول يقضي بتعويم العملة أو تحريرها، والثاني يقضي بتثبيت صرف العملة أو بمعنى آخر ربطها بعملة أخرى أو بسلة من العملات. ورغم أن الخيار الأول هو الأصل وأنه سيعكس حقيقة الاقتصاد الوطني ويجنبه التأثر بالأزمات التي تتعرض لها العملات الأخرى، لكن في النهاية يبقى لكل من النظامين مسوغاته وإيجابياته وسلبياته.
وسأخصص هذا المقال لخيار التعويم. يخضع سعر العملة المحلية عند التعويم لآلية العرض والطلب في سوق العملات دون تدخل من السلطات الحكومية أو البنك المركزي.
وغالبا ما يؤدي قرار التعويم في البداية لتدهور قيمة العملة المحلية حتى تصل للسعر التوازني؛ وهو ما ينطوي على إيجابيات متعددة، فإذا افترضنا أن عملة معينة فقدت بعد التعويم نسبة 20 % من قيمتها فمعنى ذلك انخفاض تكلفة الاستثمار بالنسبة للأجانب وكذا انخفاض تكلفة السياحة والصادرات بنسبة 20 %.
كذلك سيؤدي هذا الانخفاض لزيادة سعر الواردات والحد منها وبالتالي زيادة أسعار المواد المستوردة وزيادة الإقبال على المنتجات الوطنية وما ينطوي عليه ذلك من تشجيع للمنتجات المحلية. إن تحرير سعر صرف العملة الوطنية إذا رافقته إصلاحات اقتصادية تركز على الإنتاج والتصنيع، من شأنه أن يؤدي إلى دعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة التصدير والحد من الاستيراد غير الضروري، واستقطاب المزيد من المستثمرين الأجانب وهو ما سيؤدي لتحسن وضعية الميزان التجاري وزيادة معدلات النمو وتراجع مستويات التضخم وتعافي العملة المحلية تدريجيا.
ورغم ما سبق فقد تكون لقرار التعويم غير المدروس سلبيات خطيرة على الاقتصاد الوطني وعلي المستوى المعيشي للمواطنين تحول دون الاستفادة من الإيجابيات آنفة الذكر، فالتدهور المفاجئ لقيمة العملة المحلية بالنصف مثلا سيؤدي لتضرر من يستثمر باستخدام العملة المحلية لأنه ببساطة سيفقد نصف قيمة ثروته كذلك ستزيد خدمة الدين وسترتفع تكلفة الواردات وستتفاقم معدلات التضخم وهو ما سيؤثر تأثيرا مباشرا على الحالة المعيشية للمواطنين.
وفي الختام أود أن أقول بأن نجاح التجربة مرهون بقدرة البنك المركزي على توفير العملة الأجنبية باستمرار وإلا سيلجأ الأفراد والشركات إلى السوق السوداء مرة أخرى.