تعقيب على أزمة العطش / سيدي محمد أحمد طالبنا – جيوفيزيائي
تابعت تصريح السيدة وزيرة المياه و الصرف الصحي بخصوص أزمة العطش التي تشهدها العاصمة انواكشوط هذه الأيام و التي تعود حسب السيدة الوزيرة لارتفاع نسبة الطمي في مياه النهر.
في العام الماضي ايضا وبظهور نفس المشكل تم تبريره بنفس الظاهرة و بعد معاينة السيد الرئيس اتضح أن المشكل يعود لغياب الصيانة وتمت إقالة المدير العام للمياه أنذاك.
الغريب انه من أيام قليلة، صرح وزير المياه والصرف الصحي السابق، السيد إسماعيل ولد عبد الفتاح ، مؤكدا أن أعمال الصيانة في منشآت آفطوط الساحلي، مكنت من زيادة الإنتاج إلى حدود 150.000 متر مكعب في اليوم.
وذلك خلال زيارة قام بها الوزير ، لمنشآت آفطوط الساحلي بمقاطعة كرمسين في ولاية الترارزة في 18 يوليو 2024.
وأضاف السيد الوزير أن العمل جار لزيادة الكميات المنتجة من المياه من آفطوط الساحلي لتصل إلى 225.000 متر مكعب في اليوم، مشيرا في الآن ذاته إلى أن العمل سيبدأ خلال أسابيع في توسعة منشآت إديني، ليرتفع الانتاج فيه من 59.000 متر مكعب في اليوم إلى أكثر من 100.000 متر مكعب في اليوم.
هذا التصريح كان 18يوليو اي فترة قليلة نسبيا قبل أزمة العطش وتصريح معالي الوزيرة.
في 19 مايو, 2022 قالت الشركة الوطنية للماء SNDE في بيان لها أيضابسبب أزمة عطش: إن الانقطاعات في الخدمة بمدينة نواكشوط خلال الأيام الأخيرة تعود إلى تزايد الطلب مع ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى تراجع إنتاج مشروع آفطوط الساحلي بسبب انعدام الصيانة وحاجة منشآته لإعادة التأهيل، وهو ما كان من المفترض أن يتم قبل سنة 2020.
و هو ما يعني أن المشكل قديم متجدد.
نذكّر ان من أهداف المشروع الأساسية توفير 80 لتر/ يوميا لكل مواطن في نواكشوط من تاريخ بدء الإنتاج 2010 وحتى 2030، ولعدد من السكان يصل مليون وخمسمائة ألف نسمة، على أن يبدأ بضخ 150 ألف متر مكعب يوميا وحتى 2020، وبعد ذلك يتم تركيب مضخة جديدة في محطة بني نعجي وتركيب مولد جديد في تكند من أجل توصيل 230 ألف متر مكعب، الآن نحن على اعتاب 2025 ولم يتحقق شيء من ذلك و السبب أساسا غياب الصيانة و التقييم و المتابعة.
هنا اخلص إلى الاستشكالات التالية:
– من الواضح أن من أهم اسباب انخفاض الإنتاج منذ سنوات في آفطوط الساحلي هو غياب الصيانة منذ إنشائه عام 2010؛ حيث أن المحطات الموجودة في “بني نعجي” كان من المفترض أن تنتج 150 ألف متر مكعب في حين أنها لا توفر سوى 115 ألف متر مكعب بسبب غياب الصيانة.
فهل تمت الصيانة التي تكلم عنها معالي الوزير مع مراعاة حجم المشكل وتفاديا للظروف الموسمية(ظاهرة الطمي مثلا)؟ ولماذا لم تعط معالي الوزيرة بيانات عن ذلك؟
-وماذا عن توسعة اديني؟
-و ماذا بشأن تركيب المضخة الرابعة الذي كان مقررا في 2015، والمولد الجديد في تكند، الذي كان مفترضا ان يبدأ عمله في 2020؟
-واين وصل مشروع تحلية مياه البحر بعد توقيع مذكرة تفاهم مع إحدى أكبر الشركات في مجال تحلية المياه حسب الوزارة، لتمويل وإقامة محطة لتحلية مياه البحر في نواكشوط بسعة 300.000 متر مكعب في اليوم، لتكون مصدرا ثالثا يغذي العاصمة نواكشوط بالماء الصالح للشرب؟
حسب تجربتي كإطار سابق في القطاع، فرغم الإمكانيات الكبيرة التي وفرت له منذ عقود و بسبب غياب رؤية شمولية استراتيجية و الإعتماد على السياسات الاستعجالية و الحلول المؤقتة بقي القطاع عاجزا عن توفير النفاذ للماء الشروب في جميع المناطق الحضرية و شبه الحضرية و الريفية بالإضافة إلى العجز الكبير في توفير نقاط مياه رعوية تكفي المواطنين المعاناة الدائمة و الترحال مع قطعانهم التي تعتبر مصدر اساسيا للحياة لغالبية سكان الارياف و تأثير ذلك أيضا على النشاط الاقتصادي(شركات التعدين الأهلي و الصناعي مثلا )…
في الأخير اتمنى على الدولة التفكير بحلول استراتيجية لحل مشكل المياه؛ ومع الشح الكبير للمياه الجوفية و السطحية، أعتقد على مستوى انواكشوط وانواذيبو وحتى ازويرات ولاحقا المدن و القرى الأخرى يبقى العمل على مشاريع تحلية مياه البحر حلا عمليا؛ و التي يعتبر من أهم عوامل نجاحها توفر الطاقة ونحن على اعتاب إنتاج الغاز؛ دون أن ننسى الإستفادة من تجارب الآخرين السعودية والجزائر مثلا..
كذا التفكير في بناء خزانات احتياط لسد الحاجة في حالات الطوارئ.
سيدي محمد أحمد طالبنا – جيوفيزيائي