الدولة لا تستقيم إلا على العدالة أو السيف…/ نوح محمد محمود

تعتبر الدولة كيانًا معقدًا يتطلب عدة عناصر لكي يظل قائمًا ويحقق أهدافه في الاستقرار والتطور، إلا أن واحدة من أبرز القضايا التي تواجه أي دولة هي ضمان استقامتها وحمايتها من الانهيار أو الفوضى.

وفي هذا السياق، يمكن القول إن الدولة لا تستقيم إلا على العدالة أو السيف، بحيث يمثل الأول المبادئ الأخلاقية والسياسية التي تعزز من قوة الدولة عبر إرساء القيم السامية وحفظ الحقوق، أما السيف فيمثل القوة التي تحمي الدولة وتفرض سيادتها وتحفظ الأمن بجميع أبعاده.
لا شك أن العدالة هي أحد أسس بناء المجتمعات المستدامة التي تحترم حقوق الأفراد وتكفل لهم فرصًا متساوية في الحياة، فبدون العدالة، تنهار الأسس التي يقوم عليها أي نظام سياسي، وتتحول الدولة إلى مصدر قلق وفساد.

عندما تتوفر العدالة، يشعر المواطنون بالثقة في مؤسسات الدولة، ويزيد إيمانهم بقيمتها، فهي تخلق بيئة تضمن للأفراد حقوقهم دون تمييز أو فساد، مما يعزز من استقرار النظام السياسي.

كما أن العدالة تساهم في تقليل الفوارق الاجتماعية، مما يساهم في بناء مجتمع متماسك يسعى إلى البناء والتطور، بعيدًا عن الفوضى والصراعات.

على الرغم من أهمية العدالة، فإنها قد لا تكفي وحدها لضمان استقامة الدولة، ففي بعض الأحيان، تكون هناك تحديات كبيرة تهدد استقرار الدولة سواء كانت على شكل أعداء خارجيين أو فتنة داخلية، وفي هذه الحالات، تبرز ضرورة القوة أو “السيف”.

لا يمكن لأي دولة أن تستمر في ظل تهديدات متواصلة من الداخل أو الخارج دون قوة ردع تضمن أمنها واستقرارها.
إن استخدام القوة ليس في جوهره دعوة للديكتاتورية أو القمع، بل هو وسيلة لحماية العدالة وحفظ النظام، وذلك أن السيف لا يعني التسليم المطلق بالقوة العسكرية، بل يشمل أيضًا فرض النظام بواسطة سلطات قانونية تحترم الحقوق ولكنها تبقى قادرة على الرد بحزم في حالات الطوارئ.

تجسد العلاقة بين العدالة والسيف التوازن الضروري الذي يجب أن يكون بين المبادئ والأفعال، من خلال أن العدالة تقدم الأسس الأخلاقية التي تقوم عليها الدولة، بينما السيف يعزز تلك الأسس من خلال الحفاظ على النظام وحمايته، مشكلان بذاك أساسًا قويا متكاملًا لبقاء الدولة واستمرارها. فقد قيل قديما أن الدول تبني علي الكفر ولا تبني علي الظلم .

فإلي متي يدرك الحكام ضرورة تجسيد هاذين العنصرين في دولهم قبل انهيارها لا قدر الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى