عمدة أنبيكة أحمد ولد أحمد بد السياسي الخطيب / محمد أمود باب أحمد الكصري (تدوينة)

إذا كان للعمل السياسي من وظيفة فهو محاولة ضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم وهذا الضبط يحتاج إلى سلوكيات متعددة منها ما هو سلوك غير لفظي مثل القرارات والقوانين والمواقف السياسية الثابتة التي لا تحركها الأطماع الشخصية ،ومنها ما هو لفظي يعتمد على القول قبل الفعل للتأثير على سلوكيات الجماهير وتوجيهها الوجهة التي تناسب أو التي يفضلها السياسي.

وتعتبر الخطابة السياسية إحدى أهم هذه الوسائل اللفظية لضبط هذه العلاقة بين الحاكم والمحكوم والعكس، ورقي الخطاب السياسي هو مؤشر على مدى الرقي والتقدم الذي وصلته الشعوب المستهدفة بمثل هذا النوع من الخطابات فهي تعتبر أحد مظاهر التقدم والرقي الاجتماعي ووسيلة للتوجيه وإصلاح
المجتمعات، كما إنها تعتبر الأكثر إقناعاً وتأثيراً وانتشاراً في المجتمعات إذ تم استخدامها كوسيلة للنصح والإرشاد في أمور الحياة والدين والقيم والمبادئ

ويتكون الخطاب السياسي من عدة جمل موجهة عن قصد إلى المتلقي بقصد التأثير فيه وإقناعه بمضمون الخطاب عن طريق الشرح والتحليل والإثارة، وهو يتضمن أفكاراً سياسيةً، ويهدف إلى تغيير النفوس والعقول والأفكار والواقع. وتنبع قوة أي خطاب سياسي من ثقافة المتحدث ومدى القوة اللغوية وانسجامها مع الحديث ووعي المتحدث السياسي واحترامه لمن يسمعه ويوجه له الخطاب. وقوة الشخصية ومدى إقناعه للجماهير بالمسألة التي يتحدث فيها. وهناك عدة طرق للخطابة السياسية فهناك الطريقة الأخلاقية التي تعتمد على التأثير في شخصية المخاطب. وهناك الطريقة العاطفية التي تعتمد على تأثير استخدام الخطيب للمناشدة العاطفية. والطريقة المنطقية التي توظف لتأثير استخدام المبادئ الأصولية المتبعة بالبرهان. ويعتبر الخطيب هو الفاعل السياسي الذي يقوم بإلقاء خطبة سياسية أو إجراء حوار سياسي أو الإدلاء بالتصريحات السياسية، حيث يقوم بتوصيل رسالة واضحة لها هدف أو مجموعة أهداف محددة بعينها، وقد يكون الخطاب السياسي معداً له من قبل، أو يكون تعقيباً على حادث قد تم لتوه.
يتكون الخطاب من مقدمة ومتن وخاتمة.

حيث يستهل الخطيب خطبته بمقدمة تتكون من مجموعة من الكلمات العذبة القوية والمنتقاة على أن يلي هذه المقدمة الموضوع الذي تتمحور حوله الخطبة، ويجب على الخطيب أن يراعي التسلسل المنطقي للأفكار والأحداث المتصلة بالواقع والظروف المحيطة، لذا فعلي الخطيب الناجح ألا يبالغ في الكلمات والعبارات المؤثرة الجذابة التي تدغدغ مشاعر المستمعين ثم يغادرها دون أن يدعمها بمراجع محسومة وأحداث ووثائق تاريخية. ويشترط في الخطيب أن تكون مخارج الحروف سالمة من العيوب وأن يكون صوته جاهراً وأن يكون على علم ودراية بنفسيات المستمعين وأن يكون حسن المظهر وأن يلون صوته بحسب الموضوع ونوع الخطبة وأن تتوافر فيه الجرأة واستخدام تعابير الوجه. كما يجب أن تكون لغة سهلة ومختصرة، وألا يتعالى بالمعرفة والمعلومات. ويتأكد من دقتها وصحتها حفاظاً على مصداقيته، وأن يحافظ على هدوء الأعصاب والتوازن الانفعالي، وأن يختم الحديث بالتركيز في أهم النقاط التي وردت فيه للتأكيد والتذكير.

وقد رأيت والحق اقول في عمدة بلدية تامورت أنعاج السيد احمد ولد أحمد بده الرجل السياسي الخطيب الذي هذه صفاته ،انه الخطيب السياسي الناجح الذي يستطيع أن يجعل من خطابه وسيلة ناجحة للتأثير في الجماهير وإقناعهم بأهدافه وأفكاره وهي خصلة قل نظيرها في محيطنا الجغرافي اليوم بل تكاد تنعدم وتنعدم أحيانًا إذ ان أكثر الخطب السياسية في المشهد السياسي الموريتاني تستعيض عن الحجاج والإقناع العقلي بلغة تجمع بين التهديد اللفظي أو منطق الاستمالة العاطفي دون قدرة على تقديم مضمون واضح قادر على مخاطبة عقول غالبية الناس .

بل تظل خطب بعض الساسة تراوح مكانها بين لغة وعظية تلقى لتوجيه جماهير الناس بوصفها قاصرة الفهم والعقل وغير مدركة لمصالحها أو خطبة قوامها استجلاب العاطفة ، على كل ساسي اليوم او خطيب ان يبين ويحسن من خطابه ويتقنه حتى تتضح الحجة من الحيلة والدليل من الشبهة.

ويظل التواصل السياسي الفعال مع الجمهور هو الذي يستطيع أن يحقق الهدف من أي خطاب ويستطيع أن يضبط السلوك السياسي لدى المواطن بما يحقق مصلحة الوطن العليا.

محمد باب أحمد الكصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى